و هو الوجه.
فحينئذ لو سبق إنسان إلى مسيل ماء أو نهر غير مملوك و أحيا في أسفله مواتا ثمّ أحيا آخر فوقه ثمّ أحيا ثالث فوق الثاني، كان للأسفل السقي أوّلا ثمّ الثاني ثمّ الثالث، و يقدّم الأسبق إلى الإحياء على الأسبق إلى أوّل النهر؛ لما تقدّم.
ه: عمارة حافّات هذه الأنهار يؤخذ ما يحتاج إليه من بيت المال؛ لأنّه معدّ لمصالح المسلمين، و هذا من جملة مصالحهم.
و: لو أراد إنسان بناء قنطرة لعبور الناس على مثل هذا النهر، فإن كان الموضع مواتا جاز؛ لاشتماله على مصلحة المسلمين و الإحسان إليهم، و ليس لأحد منعه، و إن كان بين العمران كان حكمه حكم حفر البئر في الطريق لمصلحة المسلمين.
ز: لو أراد أحد بناء رحى على هذه الأنهار، فإن كان الموضع ملكا له مكّن منه، و كذا إن كان مواتا محضا، و إن كان من الأراضي المملوكة، فإن تضرّر الملاّك لم يجز، و إن لم يتضرّر واحد منهم فكذلك - و هو أحد وجهي الشافعيّة(١) - لأنّه تصرّف في مال الغير، فلا يجوز إلاّ بإذنه، كالتصرّف في سائر مرافق العمارات.
و الثاني للشافعيّة: الجواز؛ لأنّه كإشراع الجناح في السكّة الغير المنسدّة(٢).
ح: لو استوى اثنان في القرب من أوّل النهر، اقتسما الماء بينهما إن أمكن، فإن لم يمكن أقرع بينهما، فقدّم من تقع له القرعة، فإن كان الماء لا يفضل عن أحدهما سقى من تقع له القرعة بقدر حقّه من الماء ثمّ يتركه للآخر، و ليس له أن يسقي بجميع الماء؛ لأنّ الآخر يساويه في استحقاق٤.
١- العزيز شرح الوجيز ٢٣٦:٦، روضة الطالبين ٣٧٠:٤.
٢- العزيز شرح الوجيز ٢٣٦:٦، روضة الطالبين ٣٧٠:٤.