ألا ترى أنّ من وهب لغيره شيئا أو أباحه له، لم يملكه إلاّ بتملّكه، فإذا دخل إلى ملكه لم يملكه بذلك، و يخالف وقوع السمكة في السفينة و الظبي في الأرض وقوع الصيد في الشبكة المنصوبة، فإنّ الصيد هنا يملك؛ لأنّ الشبكة كيده وضعها لذلك.
و لو خرج هذا الماء المباح من تلك الأرض، أخذه من شاء قطعا.
مسألة ١١٧٤: لو سال هذا الماء المباح في نهر عظيم عليه أملاك تحتاج إلى السقي منه و كان النهر يفي بالجميع،
سقى من شاء منهم متى شاء؛ لانتفاء التزاحم في النهر العظيم.
و إن كان النهر صغيرا غير مملوك كساقية غير مملوكة بأن انخرقت بنفسها و جرى الماء من الوادي فيها، أو واد صغير تشاحّ فيه أهل الأرضين الشاربة و لم يف بالجميع إذا سقوا في وقت واحد، و يقع في التقديم و التأخير نزاع و خصومة، فإنّ الأوّل يسقي أرضه، فإذا فرغ من قضاء حاجته منه أرسله إلى الثاني ثمّ إلى الثالث و هكذا.
و الأوّل هو الذي يلي ملكه فم النهر، و الثاني هو الذي يلي ملكه هذا الملك.
و لا فرق بين أن يستضرّ الثاني بحبس الأوّل للماء عنه أو لم يستضر.
و لو لم يفضل عن الأوّل شيء أو عن الثاني أو عمّن يليهم(١) ، فلا شيء للباقين؛ لأنّه ليس لهم إلاّ ما فضل منهم، كالعصبة في الميراث.
و هو قول مالك و فقهاء المدينة و الشافعي(٢) ، و لا نعلم فيه مخالفا.
١- الظاهر: «يليهما».
٢- النوادر و الزيادات ٢٥:١١-٢٦، عقد الجواهر الثمينة ٩٥٥:٣، الذخيرة ٦: -