و ينبغي منع الناس من استطراق حلق الفقهاء و القرّاء في الجامع توقيرا لهم.
مسألة ١١٧١: الرّبط المسبّلة في الطّرق و على أطراف البلاد إذا سبق واحد إلى موضع منها كان أحقّ به من غيره،
و ليس لغيره إزعاجه، سواء دخل بإذن الإمام أو بدون إذنه، و لا يبطل حقّه بالخروج لحاجة، كشراء مأكول أو مشروب أو ثوب أو قضاء حاجة و ما أشبه ذلك، و لا يلزمه تخليف أحد في الموضع و لا أن يترك متاعه فيه؛ لأنّه قد لا يجد غيره، و قد لا يأمن على متاعه سواه.
و لو ازدحم اثنان على موضع و لا سبق، حكم إمّا بالقرعة أو بتعيين الإمام.
و أمّا المدارس و الخانقاهات فمن سكن بيتا منها ممن له السكنى فهو أحقّ به و إن طالت المدّة ما لم يشترط الواقف أمدا، فيلزمه الخروج عند انقضائه.
و لو اشترط مع السكنى التشاغل بالعلم فأهمل، ألزم الخروج، و إن استمرّ على الشرط، لم يجز إزعاجه، و له أن يمنع من يشاركه ما دام متّصفا بما يستحقّ به السكنى.
و لو فارق لعذر أيّاما قليلة، فهو أحقّ إذا عاد؛ لأنّه ألفه، و إن طالت غيبته بطل حقّه.
و النازلون في موضع من البادية أحقّ به و بما حواليه بقدر ما يحتاجون إليه لمرافقهم، و لا يزاحمون في الوادي الذي سرحوا مواشيهم إليه إلاّ أن يفي بالجميع، و إذا ارتحلوا بطل اختصاصهم و إن بقيت آثار الفساطيط و الخيم و شبهها.
مسألة ١١٧٢: المرتفق بالشوارع و المساجد إذا طال العكوف عليها
فالأقرب: أنّه لا يزعج؛ لأنّه أحد المرتفقين، و قد ثبت له السبق باليد، و إن لم يفد أولويّة فلا أقلّ من المساواة، و قال عليه السّلام: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له»(١).
و أمّا الرباطات الموقوفة و المدارس فإنّها تتبع تعيين الواقف، فإن عيّن لم يمكّن الزيادة عليه، و كذا لو وقف على المسافرين.
و إن أطلق نظر إلى الغرض الذي بنيت البقعة له، و عمل بالمعتاد فيه، فلا يمكّن من الإقامة في رباطات المارّة، إلاّ لمصلحتها أو لخوف يعرض أو أمطار تتواتر، و في المدرسة الموقوفة على طلبة العلم يمكّن من الإقامة إلى استتمام غرضه، فإن ترك التعلّم و التحصيل أخرج، و لا يمكن مثل هذا الضبط في الخانقاهات، بل يحكم في طول اللبث فيها بما سبق في الشوارع.
المطلب الرابع: في المياه.
أقسام المياه ثلاثة:
اشارة
الأوّل: الماء المحرز في الآنية و شبهها من حوض و مصنع و أشباه ذلك، و هذا مختصّ بمالكه، ليس لأحد التصرّف فيه إلاّ بإذن مالكه، و يصحّ بيعه و التصرّف فيه بجميع أنواع التصرّفات كغيره من المملوكات، و هذا خاصّ.
الثاني: العامّ، و هو الذي لم يظهر بعمل و لا جرى بحفر نهر، و ينبع في مواضع لا تختصّ بأحد، و لا صنع للآدميّين في إنباطه و إجرائه، كماء الفرات و جيحون و جميع أودية العالم و العيون التي في الجبال و غيرها و سيول الأمطار، و الناس فيها شرع سواء.
١- المعجم الكبير - للطبراني - ٨١٤/٢٨٠:١.