و للشافعيّة وجهان(١).
مسألة ١١٦٨: إذا جلس واحد في موضع من الشوارع و الأسواق،
كان أحقّ به من غيره، و لا يجوز لأحد إزعاجه إذا لم يتضرّر به المارّة، فإن تضرّروا به لم يجز له القعود فيه؛ لمنافاته الغرض من وضع المسالك، و لو أزعجه أحد و قعد مكانه فعل حراما، و صار أولى به من الأوّل.
و لو قام عنه بنيّة العود إليه في ذلك النهار و كان له فيه بساط أو متاع و شبهه، لم يكن لأحد إزالته، و كان صاحب البساط و المتاع أولى به إلى الليل؛ لقول الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به إلى الليل، و كان لا يأخذ على بيوت السوق كرى»(٢).
إذا عرفت هذا، فلو جلس في موضع ثمّ قام عنه، نظر إن كان جلوسه لاستراحة و ما أشبهها بطل حقّه، و إن كان لحرفة و معاملة، فإن فارقه على عزم الإعراض عن العود إليه بأن يترك تلك الحرفة أو ليقعد في موضع آخر بطل حقّه أيضا، و إن فارقه على عزم العود، فالأقوى: أنّه يكون أولى إلى الليل؛ عملا بالرواية(٣).
و ضبطه الجويني بأنّه إن مضى زمان ينقطع فيه الذين ألفوا المعاملة معه و يستفتحون المعاملة مع غيره بطل حقّه، و إن كان دونه لم يبطل؛ لأنّ الغرض من تعيين الموضع أن يعرف فيعامل، فلا فرق بين أن تكون المفارقة لعذر كسفر و مرض، أو لغير عذر، و على هذا فلا يبطل حقّه بأن
١- العزيز شرح الوجيز ٢٢٣:٦، روضة الطالبين ٣٥٩:٤.
٢- الكافي ١٥٥:٥ (باب السبق إلى السوق) ح ١، التهذيب ٣١/٩:٧.
٣- المتقدّمة آنفا.
يرجع في الليل إلى بيته، و ليس لغيره مزاحمته في اليوم الثاني، و كذلك الأسواق التي تقام في كلّ أسبوع أو في كلّ شهر مرّة إذا اتّخذ فيها مقعدا كان أحقّ به في النوبة الثانية و إن تخلّلت بينهما أيّام(١).
و ليس بشيء.
و قال بعضهم: إذا رجع إلى بيته بالليل فسبق إلى الموضع غيره، فهو أحقّ به، كما إذا فارق موضعه من المسجد و عاد للصلاة الأخرى و قد سبقه إليه غيره(٢).
و فرّقت طائفة منهم بين أن يجلس بإقطاع الإمام فلا يبطل حقّه إذا قام عنه، و ليس لغيره الجلوس فيه، و بين أن يستقلّ و يسبق إليه، فإنّه إذا قام بطل حقّه؛ لأنّه إنّما استحقّ باعتبار سبقه إليه و المقام فيه، فإذا انتقل عنه زال استحقاقه؛ لزوال المعنى الذي استحقّ به، و الأوّل استحقّ بإقطاع الإمام، فلا يزول حقّه بنقل متاعه، و لا لغيره الجلوس فيه، فإن ترك شيئا من رحله و متاعه بقي حقّه، و إلاّ فلا(٣).
و على الأوّل لو أراد غيره أن يجلس فيه في مدّة غيبته القصيرة إلى أن يعود، فللشافعيّة وجهان:
أحدهما: لا يمكّن؛ لأنّ معامليه يتوهّمون إعراضه عن ذلك المكان.
و الثاني: أنّه يمكّن؛ لئلاّ تتعطّل منفعة الموضع في الحال(٤).
هذا في الجلوس للمعاملة، و أمّا لغيرها فلا منع أصلا.٤.
١- نهاية المطلب ٣١٢:٨-٣١٣، و عنه في العزيز شرح الوجيز ٢٢٤:٦، و روضة الطالبين ٣٦٠:٤-٣٦١.
٢- التهذيب - للبغوي - ٥٠٠:٤، العزيز شرح الوجيز ٢٢٤:٦، روضة الطالبين ٣٦١:٤.
٣- العزيز شرح الوجيز ٢٢٤:٦، روضة الطالبين ٣٦١:٤.
٤- العزيز شرح الوجيز ٢٢٤:٦، روضة الطالبين ٣٦١:٤.