و هذا القصد و التوقّع قد يكون لتأثيره بمجرّده فيه، و هو علّة العلّة، و قد يكون بانضمام أمور إليه هي غير بعيدة الحصول، و قد [يخصّ](١) اسم السبب بالنوع الأوّل، و قد يفسّر السبب بمطلق ما يقصد به حصول العلّة، و قد يفسّر بأعمّ، فيقال: السبب ما يحصل الهلاك عنده بعلّة سواه و لكن لولاه لما أثّرت العلّة، فلا يعتبر فيه إلاّ أنّه لا بدّ منه، و حينئذ يكون كلّ شرط سببا، فالحفر مع التردّي يسمّى سببا تارة و شرطا أخرى.
مسألة ١٠٠٣: المباشر للإتلاف ضامن بلا خلاف،
سواء كان المتلف عينا، كقتل الحيوان المملوك و تخريق الثياب و أكل الطعام و الإحراق للمتاع، أو منفعة، كسكنى الدار و ركوب الدابّة، سواء كان هناك غصب أو لم يكن.
و بالجملة، كلّ متلف عينا بالمباشرة فإنّه ضامن لها، يجب عليه ردّ مثلها إن كانت من ذوات الأمثال، و إن كانت من ذوات القيم وجب عليه القيمة؛ لقوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (٢).
و كلّ من تثبت يده على مال الغير و لا حقّ له في إمساكه و كان المال باقيا وجب عليه ردّه على مالكه بلا خلاف؛ لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: «على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه»(٣) و لأنّ حقّ المالك متعلّق بماليّته، و ماليّته لا تتحقّق
١- بدل ما بين المعقوفين في «ر» و الطبعة الحجريّة: «يتحقّق»، و في «ص، ع»: «تحقّق». و الظاهر ما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز ٣٩٨:٥.
٢- سورة البقرة: ١٩٤.
٣- سنن ابن ماجة ٢٤٠٠/٨٠٢:٢، سنن الدارمي ٢٦٤:٢، السنن الكبرى - للنسائي - ٥٧٨٣/٤١١:٣-٣، السنن الكبرى - للبيهقي - ٩٠:٦، المستدرك - للحاكم - ٤٧:٢، مسند أحمد ١٩٥٨٢/٦٣٢:٥، و ١٩٦٤٣/٦٤١، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦٠٤/١٤٦:٦، المنتقى - لابن الجارود -: ١٠٢٤/٣٧٦.