الشافعيّة، و الثاني: أنّه لا يحمل على العرف، بل يبطل؛ لاختلاف الأغراض فيه، فإنّ القويّ في البعد أرغب، و الضعيف في القرب أرغب(١).
و إذا عيّناه لم يكن لأحدهما أن يزيد فيه أو ينقص.
و كذا ينبغي أن يسمّيا في العقد ارتفاع غرض الهدف و انخفاضه و توسّطه، فإن سمّياه في العقد حمل على ما سمّيا، و لم يكن لأحدهما أن يرفعه إذا كان منخفضا، و لا أن يخفضه إذا كان مرتفعا؛ عملا بحكم الشرط.
و لو أهملا ذكره، لم يبطل العقد بإهماله؛ لأنّه من توابع مقصوده.
ثمّ يقال لهما: إن اتّفقتما عليه بعد العقد حملتما فيه على اتّفاقكما، و لم يكن لواحد منكما بعد الاتّفاق أن يرفعه أو يخفضه، و إن اختلفتما فيه حملتما على العرف، و يكون الاتّفاق هنا مقدّما على العرف؛ لأنّ ارتفاع الغرض أمكن للطويل و الراكب، و انخفاضه أمكن للقصير و النازل.
و لو اختلف العرف و تعذّر الاتّفاق، روعي فيه أوسط الأغراض.
مسألة ٩٩٦: حدّ المسافة بالتقريب المعتاد:
مائتا ذراع، و النادر بالتقريب: ثلاثمائة ذراع، فإن عقدا النضال على أكثر المسافة المعتادة - و هي مائتا ذراع - صحّ إذا كان مثل المتراميين يصيب منها، و إن كان مثلهما لا يصيب منها لم يصح.
و إن عقدا على أكثر المسافة النادرة - و هي ثلاثمائة ذراع - و كان مثلهما لا يصيب منها، لم يصح العقد، و إن كان مثلهما قد يصيب منها، فوجهان في الصحّة و البطلان: من حيث إمكان إصابتها، كالمسافة المعتادة، و من أنّ النادر غرر، و الغرر في العقود مردود بالنهي عنه(٢).
١- الحاوي الكبير ٢٣٥:١٥.
٢- كما في الحاوي الكبير ٢٣٨:١٥.