و لو رمى إلى غير الجهة التي فيها الهدف، فهو اشتغال منه بأمر آخر غير النضال الذي وقع العقد عليه، فلا يحسب عليه.
مسألة ٩٧٦: لو كان في الغرض سهم فأصاب سهمه فوق ذلك السهم،
و قد عرفت أنّ فوق السهم هو الجزء الذي يدخل فيه الوتر، فللسهم الثابت في الهدف حالتان:
إحداهما: أن يدخل منه في الهدف قدر نصله و يكون باقي طوله خارجا، فلا يحتسب بهذا السهم لا مخطئا و لا مصيبا؛ لأنّه لم يبلغ الهدف فصار مقصّرا فلم يعتد به مصيبا، و قد منعه حائل فلم يصر مخطئا، و لو شقّه و أصاب الغرض حسب له.
و الحالة الثانية: أن يكون السهم الثابت في الهدف قد دخل جميعه حتى غاص و لم يظهر منه إلاّ موضع فوقه فوقع عليه هذا السهم فينظر في الإصابة، فإن كانت قرعا احتسب بهذا السهم مصيبا؛ لوصول السهم إلى محلّ الإصابة من الهدف، و إن كانت الإصابة خسقا لم يحتسب به مصيبا و لا مخطئا إلاّ أن يثبت نصله في فوق ذلك السهم، فيحتسب به مصيبا في الخسق؛ لأنّ ما خسق الخشب و ثبت فيه أولى أن يخسق الشنّ و يثبت فيه، و هو أحسن أنواع الإصابات، و يمدح به الشعراء في شعرهم، فقيل:
يصيب ببعضها أفواق بعض فلو لا الكسر لا اتّصلت قضيبا(١)
و ينبغي أن ينظر إلى ثبوته فيه، و أن يقاس صلابة ذلك السهم بصلابة الغرض.
مسألة ٩٧٧: إذا انكسر السهم بعد خروجه عن القوس،
فالأحوال فيه خمسة:
١- البيت لأبي الطيّب المتنبّي، راجع ديوانه: ١٧٠.
أ: أن يسقط عادلا عن الهدف، فلا يحسب عليه من الخطأ؛ لأنّه من فساد السهم، لا من سوء الرمي.
ب: أن يصيب بعرض السهم فيردّ عليه، و لا يحتسب به مصيبا و لا مخطئا؛ لأنّه أصابه بغير محلّ الإصابة.
ج: أن تكون الإصابة بكسر القدح دون النصل، فيردّ و لا يحتسب؛ لما ذكرنا.
د: أن يصيب بكسر النصل، ينظر فإن كانت الإصابة بكسر(١) النصل بالطرف الذي فيه حديدة النصل، احتسب به مصيبا؛ لأنّه أصاب بمحلّ الإصابة، و إن أصاب منه بالطرف الآخر المتّصل بقدح الفوق، لم يحتسب به مصيبا و لا مخطئا؛ لأنّه أصاب بغير محلّ الإصابة.
ه: أن يصيب بالكسرين معا، فلا يحتسب بكسر القدح، و يكون الاحتساب بكسر النصل معتبرا بما ذكرنا: إن كان بطرف الحديدة كان مصيبا، و إن كان بالطرف الآخر كان مردودا.
مسألة ٩٧٨: لو أغرق الرامي و بالغ في النزع حتى دخل النصل مقبض القوس و وقع السهم عنده،
فالوجه: أنّه يحتسب عليه؛ لأنّ النزع ينبغي أن يكون بقدر الحاجة، فالزيادة إساءة.
و قال الشافعي: إنّه ملحق بانكسار القوس و انقطاع الوتر و سائر العوارض؛ لأنّ سوء الرمي أن يقصد شيئا فلا يصيبه، و لم يتحقّق هذا المعنى هنا، و إنّما ترك التحفّظ في النزع(٢).
و قال بعض الشافعيّة: إنّ السهم إن لم يبلغ مدى الغرض لم يحسب
١- في «د، ص»: «من كسر» بدل «بكسر».
٢- العزيز شرح الوجيز ٢٢١:١٢، روضة الطالبين ٥٥٩:٧.