قصوره عن الغرض أو مع مجاوزته عنه، نظر فإن كان ذلك لسوء الرمي فهو محسوب على الرامي، و لا يردّ السهم إليه ليرميه مرّة أخرى، و إن كان لنكبة عرضت أو خلل في آلة الرمي من غير تقصير من الرامي فذلك السهم غير محسوب عليه، و يوضّحه صور تأتي إن شاء اللّه تعالى.
منها: إذا عرض في مرور السهم إنسان أو بهيمة فلم يبلغ السهم، أو حدثت في يده علّة أو ريح أخلّت بالرمي، لم تحسب عليه تلك الرمية، بل يعيدها؛ لأنّ عدم الإصابة للنكبة العارضة، لا لسوء في الرمي، فيعذر.
و انقطاع الوتر و انكسار السهم و القوس إن وقع ذلك من تقصيره و سوء رميه حسبت الرمية عليه ليتعلّم، و إن كان بسبب ضعف الآلة أو بسبب غير ذلك لا بسبب تقصيره و إساءته، فهو كما لو عرضت دابّة أو نحوها، فلا تحسب الرمية عليه.
و كذا لو حدثت في يده علّة أو ريح أخلّت بالرمي.
و قيل: إن وقع السهم عند إحدى هذه العوارض قريبا من الغرض، حسبت الرمية عليه؛ لأنّه وقع في حدّ غير بعيد من الإصابة، و كأنّ النكبة لم تؤثّر(١).
و خصّص أكثر الشافعيّة هذا الوجه بما إذا وقع السهم مجاوزا للغرض، و جعلوا المجاوزة مشعرة بأنّ النكبة لم تؤثّر، و سبب المجاوزة إساءة الرمي(٢).
و أجابوا عنه: بأنّ الإخلال يؤثّر في التقصير تارة، و في الإسراف٧.
١- نهاية المطلب ٢٥٩:١٨، العزيز شرح الوجيز ٢٢٠:١٢، روضة الطالبين ٧: ٥٥٨.
٢- العزيز شرح الوجيز ٢٢٠:١٢، روضة الطالبين ٥٥٨:٧.
أخرى، فإن قلنا بالاحتساب عليه، فلا شكّ أنّه لو أصاب يحتسب السهم له، و إن قلنا: لا يحتسب عليه، فلو أصاب حسب له - و هو أصحّ وجهي الشافعيّة - لأنّ الإصابة مع النكبة تدلّ على جودة الرمي و قوّته.
و الثاني: لا يحسب له كما لا يحسب عليه، و لأنّ الإصابة مع انكسار الآلة قد تعدّ اتّفاقيّة(١).
و قال بعضهم: إنّ الانقطاع و الانكسار إنّما يؤثّر حدوثهما قبل خروج السهم من القوس، و أمّا بعده فلا أثر له(٢).
مسألة ٩٧٥: لو انكسر السهم بنصفين من غير تقصير من الرامي فأصاب أحد النصفين الغرض إصابة شديدة،
فإن قلنا: الإصابة مع النكبة تحسب - و هو الأقوى عندنا - فبأيّ النصفين يعتدّ؟ الأقرب: أنّ الاعتداد بالنصف الذي فيه الفوق، فإذا أصاب بمقطعه حسب له، و لا عبرة بالنصف الذي فيه النصل؛ لأنّه لم يبق فيه تحامل الوتر و اعتماده المقروع، فالمؤثّر إنّما هو النصف الذي فيه الفوق، و هو أحد قولي الشافعيّة، و الثاني: أنّ الاعتداد بالنصف الذي فيه النصل، فإن أصاب بالنصل حسب له؛ لأنّ اشتداده مع الانكسار يدلّ على جودة الرمي و غاية الحذق فيه، و النصف الذي فيه الفوق لا اعتداد به، كما إذا لم يكن انكسار(٣).
و لو أصاب بهما، قيل: [لم](١) يحسب إصابتين، و كذا لو رمى سهمين دفعة واحدة فأصاب بهما [لم](٢) يحسب له إصابتان(٣).
١- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
٢- ما بين المعقوفين أثبتناه لأجل السياق.
٣- العزيز شرح الوجيز ٢٢١:١٢، روضة الطالبين ٥٥٨:٧.