ب: أن يستوفيا معا عدد الإصابة، فيصيب كلّ واحد منهما خمسة فصاعدا، فيعتبر حينئذ حال القرب و البعد، فإنّهما لا يخلوان فيهما من أربعة أقسام:
أحدها: أن تكون الإصابات في الهدف و قد تساوت في القرب من الشنّ، و ليس بعضها أقرب إليه من بعض، فقد تكافئا، و ليس فيهما ناضل و لا منضول.
و كذا لو تقدّم لكلّ واحد منهما سهم كان أقرب إلى الشنّ من باقي سهامه و تساوى السهمان المتقدّمان في القرب من الشنّ، كانا سواء لا ناضل فيهما و لا منضول.
و إن تقدّم لأحدهما سهم و للآخر سهمان و تساوت السهام الثلاثة في قربها من الشنّ، فوجهان:
أحدهما: أنّ المتقرّب بسهمين ناضل للمتقرّب بسهم؛ لفضله في العدد.
و الثاني: أنّهما سواء لا ناضل فيهما و لا منضول؛ لأنّ نضال الحواب موضوع على القرب دون زيادة العدد.
و القسم الثاني: أن تكون سهام أحدهما أقرب إلى الشنّ من سهام الآخر، فأقربهما إلى الشنّ هو الناضل، و أبعدهما منه هو المنضول.
و كذا لو تقدّم لأحدهما سهم واحد و كان أقرب إلى الشنّ من جميع سهام الآخر، أسقط به صاحبه، و لم يسقط به سهام نفسه، و كان هو الناضل بسهمه الأقرب.
القسم الثالث: أن تكون سهام أحدهما في الهدف و سهام الآخر في الشنّ، فيكون المصيب في الشنّ هو الناضل، و في الهدف هو المنضول.
و كذا لو كان لأحدهما سهم واحد في الشنّ و سهام الآخر جميعها خارجة عن الشنّ، كان المصيب في الشنّ هو الناضل بسهمه الواحد، و قد أسقط به سهام صاحبه [و لم يسقط به سهام نفسه و إن كانت أبعد إلى الشنّ من سهام صاحبه](١).
القسم الرابع: أن تكون سهامهما جميعا صائبة في الشنّ لكن سهام أحدهما أو بعضها في الدائرة و سهام الآخر خارجة عن الدائرة.
و إن كان جميعها في الشنّ، ففيه وجهان:
أحدهما - و حكاه الشافعي عن بعض الرّماة(٢) -: أنّ المصيب في الدائرة ناضل، و المصيب خارج الدائرة منضول؛ لأنّه [قطب](٣) الإصابة.
و الثاني: أنّهما سواء، و ليس منهما ناضل و لا منضول؛ لأنّ جميع الشنّ محلّ للإصابة، و اختاره الشافعي(٤).
ج: أن يستوفي أحدهما إصابة الخمس [و يقصر](٥) الآخر فيها، فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون المستوفي لإصابة الخمس أقرب سهاما إلى الشنّ أو مساويا لصاحبه، فيكون ناضلا و المقصر منضولا.
و الثاني: أن يكون المقصر في إصابة الخمس أقرب سهاما من٥.
١- ما بين المعقوفين أثبتناه من الحاوي الكبير ٢١٦:١٥.
٢- الحاوي الكبير ٢١٦:١٥.
٣- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «فضلت». و المثبت كما في الحاوي الكبير ٢١٦:١٥.
٤- الحاوي الكبير ٢١٦:١٥.
٥- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «في نقص». و المثبت يقتضيه السياق و كما في الحاوي الكبير ٢١٦:١٥.