عدم النقل عدم الاطلاع على السبب المقتضي للتوثيق ، فلا يكون حجّة على المطّلع ، لتقدّم قول المثبت على النافي. ودعوى حصر الأسباب ممنوعة ؛ فإنّ في الزوايا خبايا ، وكثيرا ما يقف المتأخّر على ما لم يطّلع عليه المتقدّم. وكذا الشأن في المتعاصرين ، ولذا قبلنا توثيق كلّ من النجاشي والشيخ لمن لم يوثّقه الآخر ، ولم يوثّقه من تقدّم عليهما.
نعم ؛ يشكل ذلك مع تعيين السبب ، وخفاء الدلالة ، وأكثر الموثّقين هنا لم يستندوا إلى سبب معيّن ، فيكون توثيقه معتبرا. انتهى. وهو كلام متين ، وعقد ثمين.
الثاني : تصحيح الحديث من أصحاب الاصطلاح الجديد ـ كالعلاّمة رحمه اللّه ، والشهيدين (١) ، و .. غيرهما ـ في كثير من الطرق المشتملة عليه ؛ فإنّ ذلك توثيق اصطلاحي ، ولا ينافيه الوصف بالحسن منهم في موضع آخر ، فإنّ اختلاف النظر من شخص واحد في شيء واحد كثير الوقوع غير مستنكر ونظر الإثبات مقدّم على نظر النفي الراجع إلى لا أدري ، بل هو في الحقيقة من باب تقدّم المثبت على النافي ، فإنّه أعمّ من اختلافهما بالذات أو الاعتبار ، كما نبّه على ذلك العلاّمة الطباطبائي قدّس سرّه (٢). وإن شئت العثور على صدق ما نسبنا
__________________
(١) قال الشهيد الثاني في المسالك ١٤/٢ في قوله : ولو قال : اعتدّي ونوى به الطلاق قيل يصحّ وهي رواية الحلبي ـ وفيها : إبراهيم بن هاشم ـ .. إلى أن قال : ليس في طريقه خارج عن الصحيح سوى إبراهيم بن هاشم وهو من أجلّ الأصحاب ، وأكبر الأعيان ، وحديثه من أحسن مراتب الحسن ، وفي المسالك أيضا ٥٤٣/١ في قوله : إنّ الزيادة على النصّ على تقدير اشتراط الإرث يكون نسخا .. قال : في الحديث والدليل الوارد في الباب ؛ وهو من أجود طرق الحسن ؛ لأنّ فيه من غير الثقات إبراهيم بن هاشم القمّي ، وهو جليل القدر ، كثير العلم والرواية ، ولكن لم ينصّوا على توثيقه مع المدح الحسن فيه.
(٢) رجال السيّد بحر العلوم الفوائد الرجاليّة ٤٥٥/١.