عيسى أنّه روي عنه (١) ، مع كثرة غمزه في الروايات ، بل والأجلّة ، وطعنه فيمن يروي عن الضعفاء ، وأخرج من قم جمعا لذلك. ولم يرو عن ابن محبوب ، وابن المغيرة ، والحسن بن خزّاز. انتهى.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره قدّس سرّه من الشواهد يستفاد منه نوع مدح
__________________
على رواياتهم الدالة دلالة صريحة على الغلوّ ، وهذه فائدة جليلة ينبغي التنبّه إليها ، وتطبيقها في الموارد اللازمة ، فتفطّن.
أما قول بعض المعاصرين في المقام ، ردا على المؤلّف قدّس سرّه : (إلاّ أنّ تأويله : بأنّ ما عدّوه غلوّا ليس بغلوّ .. غلط فإنّهم كانوا أعرف بالمذهب منّا ، وبتوسّطهم وصل ما وصل من معجزاتهم إلينا ، وقلنا في المقدمة إنّ مرادهم بالغلوّ معناه الحقيقي من ترك الصلاة والصيام اعتمادا على حبّهم عليهم السلام ، وإنّهم الصلاة والصيام. فهو كلام لفّقه وحسب أنّه لا يحاسب عليه ، وذلك أنّ دمج بيان عقيدة الغلاة في المقام ليس إلاّ خلطا للأمر ، وذلك أنّ ما نسبه إلى الغلاة من ترك الصلاة والصيام ، وأنّ الأئمّة هم الصلاة والصيام ، فذاك دعوى فرقة منهم ، لا كلّهم ، وهو أمر مسلّم ثابت يعرفه حتّى أواسط الطلبة ، وليس المقام مقام تعريف الغلوّ والغلاة وبيان عقيدتهم ، بل الكلام في أنّ كلّ من رمي بالغلوّ فهو غال أم لا ، وقد تقدّم منّا توضيح ذلك ، بأنّه لمّا كان الغلوّ كفرا وحبّ أهل البيت إيمانا ، وكانت الأيدي الأثيمة تموّه على المؤمنين وتشبّه عليهم الحبّ بالغلوّ ، فأئمّة الهدى دفعا لفساد الغلوّ ، وحرصا على حفظ المؤمنين من التورط بالكفر ، كانوا ينكرون أشد الإنكار بعض صفاتهم الثابتة لهم ، وينهون عن رواية تلك المراتب ، فأين هذا ممّا ذكره هذا المعاصر المتسرع؟! ومن درس تاريخ الحديث ، ووقف على سلوك أهل البيت عليهم السلام مع الرواة ، اتضح له أنّهم عليهم السلام كانوا يفيضون على كلّ راو بما يناسب عقليته وصلابته في الإيمان ، ويمسكون كثيرا من شرح مراتبهم لكثير من الرواة بل أمرونا أن نكلّم النّاس على قدر عقولهم ، لكن هذا المعاصر غفل عمّا كان عليه أئمّة الهدى ، ودراسة شئونهم الزمنيّة ، فتفطّن.
(١) أشار المؤلّف قدّس سرّه إلى ما رواه الكشّي في رجاله : ٥١٢ برقم ٩٨٩ ـ بسنده ـ قال : ويروي عن محمّد [بن] القاسم النوفلي ، عن ابن محبوب حديث الرؤيا ، وحمّاد بن عيسى وحمّاد بن المغيرة ، وإبراهيم بن إسحاق النهاوندي يروي عنهم أحمد بن محمّد ابن عيسى في وقت العسكري [عليه السلام].