والعجب من صاحب الحدائق(١) في استدلاله على صحّة النقل بالصلح من غير سبق خصومة بالصحيحة المزبورة.
وأنت خبير بأنّه صريح في كفاية مجرّد التراضي وليس فيه لفظ الصلح أصلا ولم يكن البحث في كفاية التراضي مع عدم سبق الخصومة كي يتّجه الاستدلال بها.
وبالجملة فالظاهر أنّه ليس في المقام تشريع سوى إمضاء وتقرير.
ثمّ إنّه لو سلّمناه فغاية ما ثبت التشريع فيما يصدق عليه الصلح والتصالح ، ولا ريب أنّ المتعارف من إطلاقه فيما لو كان سبق منافرة ، ولا مجال للتعدّي إلى غيره.
والتنظير بالموارد المذكورة غير سديد لظهور ثبوت الحكم في غير مورد ثبوت العلّة بالإطلاقات كما في صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم : «فصار(٢) التقصير [في السفر] واجباً كوجوب التمام في الحضر» فهل يقع الشكّ بعد وروده وورود نظائره في ثبوت التّقصير على الإطلاق؟
وهذا بخلاف ما ورد من الإطلاقات في باب الصلح كقوله : «الصلح جائز بين المسلمين»(٣) فإنّ نفس لفظ الصلح يقتضي سبق نوع منافرة ، فكيف يصحّ التنظير بالأمور المذكورة ودعوى ثبوت الصلح على الإطلاق وكونه بنفسه من
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢١ / ٨٤ و٨٥.
(٢) في المخطوطة : صار.
(٣) كتاب من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٢ ، ح٣٢٦٧.