للحديث إلى الأقسام الأربعة المعروفة ، فعملوا بالصحيح والحسن والموثّق وردّوا ورفضوا الضعيف منها ، بلا فرق في ذلك بين المودع منها في الكتب الأربعة المشهورة وغيرها.
وأمّا فيما يرتبط بالعقل ففي الوقت الذي نفى الأخباريّون حجّية حكم العقل وانكروا الملازمة بين حكمه وحكم الشرع نجد الأمر بخلاف ذلك لدى فقهاء الأصوليّين ، حيث إنّهم منحوه تمام الحجّية والاعتبار وقبلوا به دليلا مستقلاًّ على الحكم وحجّة تامّة عليه وركناً من أركان أدلّة الاستنباط الفقهي ، وكذلك أثبتوا شرعية الملازمة بين حكمه من جهة وحكم الشرع من جهة أخرى.
وممّا أظهرته هذه الدراسة أنّ المستفاد من منهجية المحدّث البحراني في كتابه الفقهي الحدائق الناضرة ـ ومن خلال عرض بعض التطبيقات من متن الكتاب المذكور ـ هو استقصاؤه لجميع الأخبار الواردة في المسألة بما تحويه من أقوال متعدّدة ، وجمعها من مصادرها المختلفة سواء في ذلك المجاميع الحديثية وغيرها من كتب الفقه والتفسير واللغة وغيرها ، ثمّ التطرّق إلى سرد سائر أقوال الفقهاء باختلاف طبقاتهم وبيان آرائهم في كلّ مسألة وما يتفرّع عليها مع الإشارة غالباً إلى مختاره ، ثمّ ذكر سائر الأدلّة الأخرى المطروحة والمعتمدة عند فقهاء المدرسة الأصولية بوصفها أدلّة مستقلّة ومن ثمّ مناقشتها ، وأخيراً استنباط رأيه في ذوق منهجه الأخباري ممّا يعرضه من الأدلّة الشرعية.
والذي ظهر من خلال ذلك هو أنّ صاحب الحدائق لم يخرج عن منهج من سبقه من الأخباريّين من حيث الجوهر ، وأنّ الأسس والدعائم النظرية التي أقام عليها منهجه الفقهي هي نفسها تلك التي نادت بها المدرسة الأخبارية ، لكنّه