وذهبوا إلى اعتبار كلّ ما ورد منها في الكتب الحديثية المعتمدة لدى الطائفة والتي من أبرزها الكتب الأربعة المعروفة للمحمّدِين الثلاثة معتقدين صحّة صدورها استناداً إلى شهادة أربابها الثقات على ذلك ، وعليه فلم يوجبوا على الفقيه بذل الجهد والبحث عن أسناد تلك الروايات وخوّلوا له الأخذ بها مطلقاً ما دامت قد أُثبِتَت في الأصول الأربعمائة لأصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، كما وأنّ لهم فروقاً جوهرية خالفوا فيها المدرسة الأصولية فيما يتعلّق بطريقة الاستنباط ومنهجه من حيث وظيفة الفقيه والمقلّد ، ومسألة إطلاق الاجتهاد وتجزئته ، وتجويزهم تقليد الفقيه الميّت ابتداءً.
وفي قبال هذه المدرسة توجد المدرسة الفقهية الأصولية ـ والتي ينتمي إليها صاحب الجواهر باعتباره خرِّيجاً لكبار أساتذتها وروّاد فكرها والذين هم طلاّب الوحيد البهبهاني مجدّد المدرسة الأصولية ومحيي معالمها ـ فإنّها ذهبت إلى القول بحجّية ظواهر الكتاب الكريم والسنّة الشريفة وجواز الاعتماد عليهما والرجوع إليهما في استنباط الأحكام الشرعية ، وكذا قالت بحجّية الإجماع ـ إن كان محصَّلاً أو ما هو بحكمه كالمنقول منه بنحو التواتر ـ باعتباره كاشفاً وحاكياً عن رأي المعصوم ، إلاّ أنّهم في قبال ذلك خالفوا الأخباريّين فيما يتعلّق بالأخذ بالأخبار والعمل بها ، إذ أنّهم لا يرون صحّة كلّ ما أودع في كتب الحديث من روايات وأحاديث وإن بلغ مدوّنوها أعلى مراتب الوثاقة والعدالة ، بل لا بدّ من تهذيبها وغربلتها وإخضاعها لقوانين الجرح والتعديل والقوّة والضعف ، إذ يرى الأصوليّون بوجه عامّ أنّ أخبار هذه الكتب جميعها خاضعة للنقد الرجالي ويجب تمحيص صحّتها في ضوء توثيق الرجاليّين لأسانيدها ، ومن هنا جاء تقسيمهم