من الأحكام لوقائع لم يرد فيها دليل معتبر أو جعله مؤيّداً وشاهداً للوارد من الدليل فيه ، وبالطبع فإنّ ذلك موقوف على تحقّق شرائطه وتوفّر أركانه التي يشير إليها في طيّ مسائله والتي منها ـ إن لم يكن من أهمّها ـ شرط عدم تغيّر الموضوع ، جاء في مسألة ما لو امتزج بالماء المطلق غير المائع من الأجسام بحيث شكّ في خروجه بسبب ذلك عن الإطلاق ما لفظه : «بل قد يقال : إنّ ذلك إثبات للموضوع بالاستصحاب لرجوع الحال إلى الشكّ في أنّه بعد ما امتزج بما امتزج هل هو فرد لحقيقة الماء أو لا ، والاستصحاب لا يثبت مثل ذلك ، ودعوى استصحاب الأحكام من غير ملاحظة الموضوع فيها ما لا يخفى ، وذلك لكون الأحكام تابعة له وجوداً وعدماً. ولكنّ الإنصاف عدم خلوّ القول باستصحاب الحكم من قوّة ، بل يمكن القول باستصحاب الموضوع نفسه ...»(١) ، وفي بيان مقدار الكرّ وزناً جاء : «... لكن قد عرفت سابقاً أنّ احتمال الكرّية كاف في بقاء استصحاب طهارته فلا حاجة للحكم بها ، ولعلّه المراد من قولهم : إنّ الاستصحاب لا يثبت الموضوع ، وإلاّ فلا ريب في إثبات استصحاب الموضوع»(٢).
وكذا تطرّقه للشبهة المحصورة التي نفى شمول أدلّة البراءة لها كما في بحث المتحيّر في حكم صلاة الجمعة(٣) ، لكنّها ليست دائماً منجّزة لمواردها ، فقد جاء في حكم تجويز نظر الخنثى إلى الغير قوله : «وليس هو من الشبهة المحصورة
__________________
(١) جواهر الكلام ١ / ٥٦٦.
(٢) جواهر الكلام ١ / ٣٤٤. وانظر ٦ / ٥٣.
(٣) جواهر الكلام ١١ / ٥٢٨.