لكن تجد في جواهر الكلام من التطبيقات الأصولية ما يلقي الضوء كافياً على طبيعة تعاطيه مع هذا الحقل المعرفي الخاصّ ، فثمّة عدد هائل من المصطلحات الأصولية الواردة فيه ، إن كان فيما يرتبط بمباحث الألفاظ ، من قبيل عدم إفادة النكرة الواقعة في سياق الإثبات للعموم إلاّ إذا وقعت مورد الامتنان ، والإشارة إلى بعض المفاهيم المتداولة في كلمات الأصوليّين ، كمفهوم اللقب ومفهوم المكان ومفهوم الشرط ومفهوم الأولوية أو ما يسمّيه أحياناً بمفهوم الموافقة ، أو بما يرتبط بمجال الأصول العملية المقرّرة لمعالجة الموقف العملي في حالات فقد الحكم الواقعي عليه كأصلَي البراءة واستصحاب الطهارة ، ويضاف لما تقدّم ذكره من التطبيقات الأصولية في الأمثلة الفقهية المتقدّمة ما استدلّ به على عدم وجوب الغُسل بوطي البهيمة من دون إنزال قائلا : «فالحجّة على عدم الوجوب أصالة البراءة السالمة عن المعارض ، واستصحاب يقين الطهارة ، وقضاء مفهوم قوله عليهالسلام : (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) ومفهوم ما دلّ على قصر الغُسل على الإنزال من شرط وغيره ، كالحصر في قوله(صلى الله عليه وآله) : (إنّما الماء من الماء) ونحوه على الأصحّ من العموم في المفهوم»(١).
أو بذاك المرتبط بالمباحث الأصولية الأخرى ، كالوجوب الغيري لمقدّمات الواجب وأنّه لا مانع من القول بوجوبها حتّى قبل زمان الواجب(٢) ، ومسألة اقتضاء
__________________
(١) جواهر الكلام ٣ / ٦٨. وانظر في استشهاده ببعض مباحث الألفاظ ١ / ١٨٣ ، ٦ / ٢٠٩ ، ١٢ / ٢٥٤.
(٢) انظر فيما يرتبط بتطرّقه لمقدّمات الواجب أو الوجوب جواهر الكلام ١ / ١٢٩ وقت غسل