مخصّصاً لعمومها ومقيّداً لإطلاقاتها ، ويُجبَر به ضعاف الأخبار الموافقة له ـ سواء أكان الضعف في السند أم في الدلالة ـ ويُوهَن لأجله صحاحها ويُفسَّر استناداً إليه مبهمها ويُعيَّن به مجملها ويُوضَّح بسببه دلالاتها ، وغالباً ما يقدِّم المصنّف ذكره في مقام الاستدلال على ذكرها ويأتي به أوّلا قبل الإتيان بها ، وما ذاك إلاّ لكونه أحد أبرز الأدلّة الشرعية المثبتة للحكم والتي يستند إليها الفقيه في مقام الاستنباط كما هو المقرّر في أصول المدرسة الأصولية الاستنباطية ، وكما نصّ المصنّف على الوجه في حجّيته بقوله : «وليس الإجماع إلاّ أحد الأدلّة الكاشفة عن الحكم الواقعي»(١).
ومسلك المصنّف واضح ـ لمن تتبّع الموارد المتفرّقة من كتاب الجواهر ـ فيما يرتبط بموقفه من الأخبار الضعيفة سنداً أو القاصرة دلالة أو تلك المبتلاة بهما معاً وأنّها تنجبر بقبول الأصحاب وعملهم بها ، والعكس صحيح ، أعني حالات إهمال الأصحاب للأخبار الصحيحة سنداً الواضحة دلالة فإنّه موجب لوهنها وترك العمل بها والاستناد إليها أو تأويلها على الأقلّ بما لا تتنافى ومعقد الإجماع ، جاء في تعليقه على الأخبار النافية لوجوب الوضوء حال الإتيان بغسل الحيض : «وفيه ـ مع الطعن في سند بعضها ولا جابر ـ أنّ الأخبار كلّما كثرت وصحّت وصرَّحت وكانت من الأصحاب بمرأى ومسمع ومع ذلك فقد أعرض عنها الأصحاب وأفتَوا بخلافها قوي الظنّ بعدم الاعتماد عليها والركون إليها»(٢) ، ونحو
__________________
(١) جواهر الكلام ١ / ٥٩٢ مسألة عدم طهارة المضاف بإلقاء كرٍّ عليه.
(٢) جواهر الكلام ٣ / ٢٨٠.