وأخرى باختلال الطريقة بل حتّى أكثر من ذلك بما يمكن أن يوصف بقلّة تأدّبه في كلامه ونقده لمخالفيه ، فقد جاء في حكم استحقاق الخمس لمن انتسب بالأمّ إلى عبد المطّلب : «... لكن المحدّث المزبور قد بالغ في اختيار ذلك لاختلال طريقته ، مشدّداً الإنكار على الأصحاب بتسجيع شنيع وخطاب فضيع ، حتّى أنّه تجاوز ما يجب عليه من الآداب مع حفظة السنّة والكتاب»(١) ، وفي مورد آخر : «إنّ كلامه لا ينبغي أن يُلتفت أو يُصغى إليه»(٢) ، ولعلّ انتقاده الأقسى له ما جاء في بحث حقيقة النيّة في الصلاة من قوله : «فمن الغريب تبجّح بعض المتأخّرين ـ مشيراً إليه ـ في المقام ، حتّى أنّه أساء الأدب وظنّ أنّه قد جاء بما فيه العجب ، وأنّه قد تنبّه لما غفلوا عنه ، وكلّ ذلك ناش من بعض الملكات الردية المفسدة للعمل بفساد النيّة ، نسأل الله العافية عنها»(٣).
وفي الحقيقة فالأمر لا يقتصر على انتقاداته الخاصّة هذه التي وجّهها لأشخاص معيّنين ، بل تجاوز لما هو أكثر شمولاً وأوسع تعميماً ، فقد نال نقده المتأخّرين الذين شكّكوا في نجاسة المسكرات بقوله : «ولقد قصر الكلام بعد ما عرفت عن إبداء العجب من هؤلاء المتأخّرين في تشكيكهم بهذا الحكم المجمع عليه بين الأساطين بل بين علماء المسلمين ، بل كاد أن يكون ضروريّ مذهب أو
__________________
(١) جواهر الكلام ١٦ / ٤٣٧. ونحوه في ٩ / ٣٥٣ تعيين تكبيرة الإحرام من بين السبع تكبيرات.
(٢) جواهر الكلام ٣ / ٤٨٦ و٤٨٨ في رجوع المبتدئة إلى الصفات.
(٣) جواهر الكلام ٩ / ٢٥٩.