فإن قالوا : لو كانوا رجعوا في هذه الأقوال إلى ظواهر النّصوص أو (١) أدلّتها ؛ لوجب (٢) أن يخطّئ بعضهم بعضا ، لأنّ الحقّ لا يكون إلاّ في أحد الأقوال.
قلنا : لا شيء أبلغ في التّخطئة من المجاهرة بالخلاف والفتوى بخلاف المذهب ، وهذا قد كان منهم ، وزاد بعضهم عليه حتّى انتهى إلى ذكر المباهلة (٣) والتّخويف بالله تعالى فأمّا السّباب واللّعان والرّجوع عن الولاية ؛ فليس يجب عندنا بكلّ خطاء ، وسنحكّم القول في ذلك إذا انتهينا (٤) إلى الكلام على الطّريقة الثّانية الّتي حكيناها عنهم بعون الله ومشيئته.
فأمّا قولهم : إنّهم جعلوه طلاقا (٥) تشبيها وتمثيلا ؛ فقد بيّنّا أنّه غير ممتنع أن يكونوا ألحقوه بما يتناوله الاسم.
على أنّهم لا يقدرون على أن يحكوا (٦) في الرّواية عنهم أنّهم قالوا : قلنا بكذا تشبيها بكذا ، وإنّما روى أنّهم جعلوا الحرام طلاقا ، وحكموا فيه بحكم الطّلاق ، فأمّا من أيّ وجه فعلوا
__________________
(١) الف : و.
(٢) ج : يوجب.
(٣) ب : المساهلة.
(٤) الف وج : انتقلنا.
(٥) ب : ـ طلاقا.
(٦) ج : يحكموا.