أنّه (٨) «معلوم من القواعد» (١) ، وقد قامت الأدلّة وسطعت البراهين على بطلان الشقّ الأوّل من القول الأوَّل ، فتعيّن ما نحن فيه.
ثمّ إنّا نقول : إنّه في حال رجوعه قاصدٌ للمسافة لأنّه (٢) كان قاصداً إلى بلده في الجملة ، إمّا الآن ، أو بعد مروره وتوقّفه في بلد إقامته أيّاماً دون العشرة ، فالبلد الذي كان فيه قد ساوى غيره بالنسبة إليه من حين بلوغ محلّ الترخّص فكان التمسّك بالأصل ـ أعني الاستصحاب ـ تمسّكاً به مع تغيّر الموضوع ؛ لأنّه في الرجوع قاصد مسافة ليس فيها ضمّ ذهاب إلى إياب بخلافه في الذهاب ، وأمّا حاله في دار الإقامة فواضح.
وإن أبيت إلاّ اتّحاد الموضوع في الذهاب والإياب قلنا قد قطعته الأدلّة السالفة.
وربّما يقال على هذا بأنّه آت في الذهاب أيضاً ؛ لزوال حكم الإقامة ببلوغ محلّ الترخّص ، وتحقّق عزم المسافة على الوجه السابق.
وقد أجاب عنه جماعة (٣) بما قدّمنا ذكره (٤) : من أنّ للذّهاب حكماً منفرداً
__________________
(١) مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ٤ / ٤٨٢.
(٢) في الأصل : (لأنّ).
(٣) لاحظ : رسالة في خروج المقيم عن حدود البلد المطبوعة ضمن رسائل الكركي ٢ / ١١٢ ؛ رسالة نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني ١ / ٣٠١ ؛ مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ٤ / ٤٨٢ ؛ مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع ٢ / ٢٥٨.
(٤) عند قوله قدسسره : «وقال صاحب الغريّة في شرح الجعفرية منتصراً للشيخ وأتباعه».