عن العود فلا يُكْمَل أحدهما بالآخر إلى آخر ما تقدّم في الاستشهاد على ذلك.
والحاصل : أنّ هذا التعليل يعمل عمله إلاّ فيما قامت الأدلّة وسطعت البراهين على عدمه.
واعلم أنّ الشهيد الثاني أتى في المقام بشيء لم يُعرف من غيره ، وما كنّا نؤثر أن يلمّ به ، فإنّه بعد أن نقل القول الثاني قال : إنّه «مع جودته ورجحانه [على ما ذكر في القول الأوّل] (١) لا يصحّ على إطلاقه ؛ فإنّ المحلّ الذي نوى فيه الإقامة : قد يكون على رأس المقصد ، وقد يكون دونه ، وعلى» (٢) [التقديرين فالمقصد الذي خرج إليه بعد نيّة الإقامة وهو دون المسافة قد يكون إلى جهةِ بلدِهِ الذي يُريدُ الرجوعَ إليه في نفس طريقه ، وقد يكون مخالفاً له في الجهة ، وما ذكروه ـ من تحقّق الرجوع بمفارقة المقصد الذي خرج إليه بعد الإقامة ـ لا يتمّ في جميع هذه الموارد ؛ فإنّ المقصدَ لو كان في بعض الطريق التي سلكها من بلده بحيث يكون الخروج إليه بعد نيّة الإقامة بصورة الرجوع إلى البلد ورجوعه منه بصورة الذهاب ، كيف يُفرض كون الرجوع من محلّ هذا شأنه رجوعاً إلى بلد المسافر ، وهو على طرف النقيض للرجوع؟ ومثله ما لو لم يكن المقصد الذي خرج إليه على طريق بلده ، ولكنّه يَقْرُب إليه بالخروج إلى المقصد ، ويبعد عن بلده بالرّجوع منه. ففي هذه المواردِ لا يتمّ ما ذكروه ، ولا يتوجّهُ ما حكموا به من القصر بالأخذ في
__________________
(١) ما بين معقوفين أثبتناه من المصدر ، وفي الأصل : (على القول).
(٢) هنا نقص ، وترك في المخطوطة بياضاً إلى قوله : «بالفرق بينه وبين ...» ويحتمل أنّ الناسخ أراد كتابته لاحقاً ، ولكن لم يتمّ ذلك ، وقد أتممناه من مفتاح الكرامة إلى قوله : «بالفرق». لاحظ : مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة ١٠ / ٦٠٨ ـ ٦١١.