وذاته تعالى غير معلوم الصفة. ففي غاية السقوط.
ولنا أن نقول في الجواب : إنّه حُذف الخبر ونُسي ، لتذهب النفس كلّ مذهب ممكن ، فيفيد العموم على أبلغ وجه وآكده ، كقولهم : فلان يُعطي ، تنزيلاً له منزلة اللازم(١) ، وهذا بابٌ من البلاغة شائعٌ(٢).
وما قيل : من أنّه لا بدّ من التقدير ، فيعود الاستفسار. فساقط.
وقد يجاب بأنّ المستثنى في الاستثناء المتّصل لابدّ وأن يكون جزءاً ، أو جزئيّاً للمستثنى منه (٣).
ولا شكّ في امتناع الأوّل هنا ، فتعيّن الثاني ، والجزئي لابدّ وأن يكون مطابقاً للكلّي بحيث يصدق عليه على طريقة هو هو ، فاستثناء (الله) من (الإله) يستلزم أن يكون قد ثبّت الإلوهية له تعالى ، والإلوهية لا معنى لها إلاّ كون الشيء معبوداً بحقّ ، والمعبود لا يكون إلاّ موجوداً(٤).
فلنا أن نقدّر الإمكان بلا لزوم عدم ثبوت الوجود له تعالى.
وهذا الجواب إنّما يتمّ على ما هو المشهور من اعتبار فعلية
__________________
(١) أي : تنزيل الفعل المتعدّي منزلة الفعل اللازم.
(٢) ينظر : الإيضاح : ١٠٤و ١٧٩.
(٣) الاستثناءُ الْمُتَّصِلُ : هو ما كان فيه المستثنى بعضاً من المستثنى منه. النحو الوافي ٢/٣١٨.
(٤) قيل : نُصب لفظ الجلالة على الاستثناء المتّصل ؛ لأنّ المستثنى منه لفظ (إله) ـ وهو المعبود بحق ـ عامٌ يشمل المستثنى وغيره ، وإن كان وجود غيره مستحيلاً ، فالمعنى : لا معبود بحقّ في الوجود إلا الله عزَّ وجلَّ. ينظر : إعراب لا إله إلاّ الله/ ابن هشام : ٣٣ ، وزهرة التفاسير ١/٩٣١.