الصعبة التي كُلِّف بها مُسلم بن عقيل إنَّما تقتصر على : «فانظر ما كتبوا بهِ إلىَّ»!!. ونحن نقول أنّ الدرس البليغ والكبير الذي خطَّه مُسلم بن عقيل بدمهِ الطاهر في الكوفة هو الذي كشف للأجيال مساوئ الغدر ومآلات الخيانة ، فالنوايا الحسنة التي تحدّث بها الإمام الحُسين عليهالسلام لأهل الكوفة المُتجحفلين أمامه في كربلاء وأنَّه امتدادٌ للرسالة السماوية وآيةٌ للرحمة الإلهية ، كان قد تمَّ التمهيد له داخل الكوفة على يد مُسلم بن عقيل رضياللهعنه.
والمسعودي من جانبهِ يقول أنّ الإمام الحُسين عليهالسلام : «أرسل بابن عمِّهِ مُسلم بن عقيل إلى الكوفة ، وقال له : سِر إلى أهل الكوفة فإن كان حقّاً ما كتبوا به عرّفني حتَّى ألحق بك»(١). ولابن كثير رواية استقاها من الطبري أيضاً عن أبي مخنف عن هشام ، يقول فيها : «فاجتمعت الرُسُل كلَّها بكتبها عند الحُسين ، وجعلوا يستحثّونه ويستقدمونه عليهم ليُبايعوه عوضاً عن يزيد بن معاوية ، ويذكرون في كتبهم أنَّهم فرحوا بموت معاوية ، وينالون منه ويتكلَّمون في دولتهِ ، وأنَّهم لمّا يبايعوا أحداً إلى الآن ، وأنَّهم ينتظرون قدومك إليهم ليُقدموك عليهم ـ [هكذا جاء في النصّ] ـ فعند ذلك بعث ابن عمّه مُسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى العراق ، ليكشف له حقيقة هذا الأمر والاتّفاق ، فإن كان متحتّماً وأمراً حازماً مُحكماً بعث إليهِ ليركب في أهلهِ وذويه ، ويأتي الكوفة ليظفر بمن يُعاديه ، وكتب معه كتاباً إلى أهل العراق
__________________
(١) مروج الذهب ٣/٥٦.