حقيقتها إمَّا روايات عبّاسية الميل أو زبيرية الاتّجاه كالذي نلمسه من مسألة نصيحة ابن الزبير للإمام قبل خروجهِ من مكَّة المكرّمة وما طرحه خليفة بن خياط من رواية وهب بن جرير الزبيريّ المَيل والهوى(١) ، أنّ ابن الزبير كان دائماً يُشجّع الإمام على الذهاب إلى الكوفة وأنَّه يريد من الإمام أن يخرج من مكَّة المكرّمة ليخلو له الجوّ. فقد رأى كيف أنّ الناس قُبيل الحجّ وخلاله كانوا يؤيّدون الإمام ويتوافدون عليه بينما كانوا لا يُعيرون أهمّيةً لابن الزبير. فما كان من تلك الروايات إلاَّ محاولة إظهار تردّد الإمام في ثورتهِ وعدم تحديد هدفه وغايته بالضبط.
رحلة الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام إلى الكوفة :
أمّا بخصوص رواية رحلة الإمام من مكَّة المكرمة باتّجاه العراق ، فهي الأخرى بحاجة إلى دراسة وتحليل على الرغم من وضوحها في العديد من الدراسات الأكاديمية الرصينة(٢) التي اهتمّت جميعها تقريباً بدراسة مدى
__________________
(١) ينقل خليفة بن خيّاط عن وهب بن جرير قول عبد الله بن الزبير للإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام : «ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك ، فوالله لو أنّ لي مثلهم لذهبت إليهم». تاريخ خليفة بن خيّاط : ٢٣٣.
(٢) إنّ ممّا يستحقّ ذكره ، هو الدراسة الرصينة التي قدّمتها الدكتورة وجدان فريق عناد العارضي المعنونة بـ : (إمارة الحجّ في الدولة العربية الإسلامية (٨ ـ١٣٢هـ/٦٢٩ ـ ٧٥٠م)) ، والتي مثّلت رسالتها لشهادة الماجستير. على الرغم من أنّ هذهِ الدراسة لم يكن اهتمامها منصباً على دراسة تحليلية لنهضة الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلاموالطريق الذي قطعه من مكَّة المكرّمة متوجّهاً إلى العراق.