لإظهار حالة من التردّد في نهضة الإمام عليهالسلاموانعدام التخطيط المُسبق لها. وهذهِ الكلمات نفسها ستكون على لسان ابن عبّاس وابن عمر وكلَّ من حاول أن يُثني الإمام عن الثورة ، فعبد الله بن مُطيع ـ زبيريُّ الهوى كما مرَّ سابقاً ـ من المُستبعد أن يُدلي بهذهِ النصائح للإمام الذي كان عازماً على إنجاز مهمّته في إصلاح أمَّة جدِّهِ ، والأنكى من كلِّ هذا أنّ عبد الله بن مطيع هذا سوف يُعيده الطبري مرّةً ثانية إلى أحداث القصّة فيلتقي بالإمام قُبيل توجّههِ للمعركة غافلاً أنَّه سبق وأن ذكره قبلاً وذلك بالتأكيد ليُعيد النصائح ذاتها على الإمام ويُثنيه عمّا كان الإمام عازماً عليه؟
ومن بين الأمثلة الأخرى التي تدلّ على عدم تذكّر الطبري أو هشام الكلبي ما يرويان من روايات متناقضة ومتضاربة كان القصد من ورائها الاستدلال مرّة إثر أخرى على تردّد الإمام في نهضتهِ التي قام بها ضدَّ سلطة ودولة بني أميّة ، فيذكر الطبري قوله : «وأنّ ابن الزبير والحُسين لمَّا دُعيا إلى البيعةِ ليزيد أبَيَا وخرجَا من ليلتهما إلى مكَّة ـ [ويُلاحظ هنا أنّ الطبري قد ذكر في مكان سابق بأنَّ ابن الزبير قد خرج في جنح الليل مع أخيهِ وأنّ الإمام خرج بعده بيوم أو يومين] ـ فلقيهما ابن عبّاس وابن عمر جائِيَيْنِ من مكَّة ، فسألاهما ، ما وراءكما؟ قالا : موتُ معاوية والبَيعة ليزيد ؛ فقال لهما ابن عمر : اتَّقيا الله ولا تفرِّقا جماعة المسلمين ؛ وأمَّا ابن عمر فقَدِم فأقام أيّاماً ، فانتظر حتَّى جاءت البيعة من البُلدان ، فتقدّم إلى الوليد بن عتبة فبايعه ، وبايعه ابن