الليل فأخذ طريق الفرع هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث ، وتجنَّب الطريق الأعظم مخافةَ الطلب ، وتوجَّه نحو مكَّة ...»(١). أين الطبري من التناقض البيِّن والصريح في وصف الأحداث ونقل الروايات ، فبعد عدَّة صفحات ـ من صفحة ٣٤١ إلى صفحة ٣٥١ ـ تتعارض المعلومات وتتباين في الرواية التي جعلها أتمُّ وأشبع؟!.
وفضلاً عن هذا الوهم والتزييف فهناك مُلاحظات أخرى نوردها حول هذا الموضوع. فبينما كان الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام في الطريق إلى مكَّة المكرّمة استقبله رجلٌ هو عبد الله بن مُطيع الزبيريُّ المَيل والهوى. فقال للإمام : «جُعلت فداك أين تُريد؟ قال : أمَّا الآن فإنِّي أريد مكَّة ، وأمَّا بعدها فإنّي أستخير الله ، قال : خار الله لك ، وجَعَلنا فداك ، فإذا أنت أتيت مكَّة فإيّاك أن تَقرُب الكوفة ، فإنَّها بلدةٌ مشؤومة ، بها قُتِل أبوك ، وخُذِل أخوك ، واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسهِ ؛ إلزَم الحَرَم ؛ فإنَّك سيِّد العرب ، لا يَعدِل بك والله أهلُ الحجاز أحداً ، ويتداعَى إليك الناسُ من كلِّ جانب ؛ لا تفارق الحَرَم فِدَاك عمِّي وخالي ، فوالله لئن هلكت لنُسترقَّنّ بعدك»(٢). عجيبُ جدّاً أن يكون عبد الله بن مُطيع يسرد كلَّ هذا للإمام ، ولم يتفوّه الإمام عن مقصدهِ بأىِّ أمر. والذي نعتقده أنّ ما ذُكر على لسان عبد الله جميعه إنَّما هو من تلفيق الطبري أو شيخه هشام الكلبي ، أرادا أن يُقحما هذا القول هنا
__________________
(١) المصدر نفسه ٥/٣٤٠ ـ ٣٤١.
(٢) المصدر نفسه ٥/٣٥١.