دماء الناس ودماءنا» ، لذا ليس من الصحيح أنّ الإمام كان بمجرّد وصول الكتب إليه قد وافق على عهود الكوفيّين وتعهّداتهم وبيان حاجتهم إلى زعامتهِ ، وهذه الفكرة ستلغي حينئذ الكثير من التفصيلات حول النصائح التي تقدَّم بها مُحمَّد بن الحنفية رضياللهعنه (٢١ـ٨١هـ/٦٤٢ـ٧٠٠م) أو نصيحة عبد الله بن عبّاس (٣ق. هـ. ـ ٦٨هـ/٦١٩ ـ ٦٨٧م) أو عبد الله بن عمر بن الخطَّاب (١٠ق. هـ. ـ ٧٣هـ/٦١٣ـ٦٩٢م) ولا نصيحة عبد الله بن مطيع (الزبيريِّ المَيل)(١) (ت٧٣هـ/٦٩٢م) ولا نصيحة عبد الله بن الزبير (١ـ٧٣هـ/٦٢٣ـ٦٩٢م) وما إلى ذلك من الأمور التي تركِّز على أنَّهم نصحوا الإمام عليهالسلام بأن لا يستجيب إلى كتب الكوفيّين ووعودهم بالنُصرة ، فالإمام كان يعرفهم حقَّ المعرفة. إلاَّ أنّ السؤال المهمّ هنا هو لماذا عَمَد هشام الكلبي الذي كان يحتفظ بكتاب أبي مخنف ـ ويُعدّ المصدر الأساس له ـ إلى تغييبهِ؟ ولماذا عدَّل أو زيَّف الطبري هذا القول المهمّ برواية أخرى موتورة جدّاً كما سترد أدناه؟. هل أرادا بذلك إرضاء الحُكَّام من خلال بيان أنّ الإمام الحُسين عليهالسلام كان متردّداً في مشروعهِ الإصلاحي ونهضته ضدّ الحكم القائم؟ ، أو أنَّه كان يُفصح عن اطمئنانهِ الكامل
__________________
(١) هو : عبد الله بن مطيع بن الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العزّى الكعبي القرشي العدوي. من رجال قريش ، جلداً وشجاعة. ولد في حياة النبي(صلى الله عليه وآله) وكان على قريش يوم الحرّة ، فلمّا انهزم أصحابه توارى في المدينة المنوّرة. ثمَّ سكن مكَّة المكرّمة. واستعمله ابن الزبير على الكوفة ، فأخرجه المختار بن أبي عبيد الثقفي منها ، فعاد إلى مكَّة ، فلم يزل فيها إلى أن قُتل مع ابن الزبير في حصار الحجّاج له. وأُرسل رأسه إلى الشام مع رأسي ابن الزبير وصفوان. يُنظر : الإصابة في معرفة الصحابة ٤/٢٠٤ ؛ أعلام الزركلي ٤/١٣٩.