معايير الفساد والظلم والابتعاد عن الأخلاق والقيم الخيِّرة التي أراد الله سبحانه وتعالى تحقيقها برسالةِ الإسلام الحنيف. والرواية الأولى إنَّما تُدلِّل على أنّ الطبري وراويته هشام الكلبي قد وجَّها الرواية وجهةً تنحو إلى هدف بانت معالمه على وفق المُلاحظات الآتية ، التي حاولنا خلالها تحليل توجّهات الخطاب الأموي المعارض لنهج آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
إنّ مسألة الكتب الموجَّهة من الكوفيّين للإمام عليهالسلام ليس لها علاقة بزمن خروجهِ من المدينة المنوّرة ، إنَّما هي مسألة أقدم في زمان وقوعها من تلك الفترة بكثير بحسب أبي مخنف نفسه ، فهي ترجع إلى فترة قُبيل استشهاد الإمام الحسن المُجتبى بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام (٣ـ٥٠هـ/٦٢٥ـ٦٧٠م) أو على إثر الاستشهاد ، وهذا ما يذكره ابن كثير خلال حديثهِ عن الإمام الحُسين عليهالسلام بعد وصوله إلى مكَّة المكرّمة ، وكيف كان ميل الناس إليه كونه السيّد الكبير ، وابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؛ فيقول : «لمَّا بايع الناس معاوية ليزيد كان حُسين ممّن لم يُبايع له ، وكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية ، كلُّ ذلك يأبى عليهم ، فقَدِم منهم قوم إلى مُحمَّد بن الحنفية يطلبون إليه أن يخرج معهم فأبى ، وجاء إلى الحُسين يعرض عليهِ أمرهم ، فقال له الحُسين : إنّ القوم إنَّما يريدون أن يأكلوا بنا ، ويستطيلوا بنا ، ويستنبطوا دماء الناس ودماءنا ، ... قال : وقَدِم المُسيَّب بن عتبة الفزاري في عدَّة معه إلى الحُسين بعد وفاة الحسن ، فدعوه إلى خلع معاوية وقالوا : قد علمنا رأيك ورأي أخيك ، فقال : إنِّي لأرجو أن يعطي الله