رضي الله عنه»(١). في الوقت الذي اختار المسعودي (٢٨٣ ـ ٣٤٦هـ / ٨٩٦ ـ ٩٥٧م) عنواناً مفصّلاً وواضحاً ، هو : «ذكر مقتل الحُسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ومن قُتل معه من أهل بيتهِ وشيعتهِ»(٢). من جانب آخر فقد اختار ابن كثير عنواناً مغرضاً لا علاقة له بكتب الكوفيّين أو بمقتل الإمام عليهالسلام ، حيث جاء عنوانه الذي عرض من خلالهِ أحداث مقتل الإمام بـ : «قصّة الحُسين بن علي وسبب خروجهِ من مكَّة في طلب الإمارة وكيفية مقتلهِ»(٣) ، وهي ـ عنوان الطبري وعنوان ابن كثير ـ عناوين مقصودة للدسِّ والتحريف في نهضة الإمام عليهالسلام عن نهجها وهدفها الصريح في إحياء أمَّة جدِّهِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فالروايتان بحاجة إلى مداخلة لإظهار مدى ركاكتهما وعدم فهم طبيعة ومغزى نهوض الإمام ضدّ يزيد بن معاوية وحكومته الآثمة التي انتهكت الحرمات وشوّهت الدين ومفاهيمه وألحقت الأذى بالإسلام وسمعتهِ وسمعة النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله). إنّ هذهِ النهضة ليست تعبيراً للنزاع والتخاصم بين بني أميّة وبني هاشم بل هي ثورة على تفشِّي الانحراف والتراجع عن أهداف الإسلام ومبادئهِ السامية التي ناضل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أجل إقامتها وترسيخها في قلوب ونفوس المسلمين ضدَّ تيّار الطلقاء الخارجين والجاحدين والمنافقين ، فأين الحُسين عليهالسلام وطلب كرسي الزعامة إزاء المفاسد وشيوع
__________________
(١) المصدر نفسه ٥/٣٤٧.
(٢) مروج الذهب ومعادن الجوهر ٣/٥٦.
(٣) البداية والنهاية ٨/٥٤٥.