يبدأ الطبري كلامه عن الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام عندما كان معاوية بن أبي سفيان (١٥ق. هـ. ـ ٦٠هـ/٦٠٨ـ٦٨٠م) يحتضر ويريد أن يُوصي من يريده خليفةً للأمّة الإسلامية ، ابنه يزيد. والروايات التي قدّمها الطبري متعدّدة ، منها رواية أبي مخنف عن هشام الكلبي ، ورواية ثانية عن هشام الكلبي عن عوانة بن الحكم الأموي النزعة. فهل يعني هذا أنّ الطبري قد أدخل عوانة في سند أبي مخنف أيضاً؟ والقارئ اللبيب سوف يرى مدى تخبّط الطبري البيِّن بين هذهِ الأسناد. ولنضرب مثالاً حول هذهِ الحالة المنهجية ، كقوله : «قال هشام بن مُحمَّد ؛ عن أبي مخنف ؛ ولِّي يزيد ... ولم يكن ليزيد همَّة حين ولّي إلاَّ بيعة النفر ـ هنا يقصد الإمام الحُسين وابن الزبير وعبد الله بن عمر ـ الذين أَبَوا على معاوية الإجابة إلى بيعة يزيد حين دعا الناس إلى بيعتهِ ، وأنَّه ولّي عهده بعده ، والفراغ من أمرهم»(١). ويُلاحظ هنا أنّ هشام أو أبي مخنف قد بيَّنا هدف يزيد المباشر بعد توليتهِ ، غير أنّ الطبري ذاته قبل عدَّة صفحات فقط يقدّم رواية عن هشام بن مُحمَّد عن أبي مخنف بشأن وصيّة معاوية لابنهِ ، إذ أوصاه بوصية قائلاً فيها : «يا بنىَّ ، إنِّي قد كَفَيتك الرحلة والتِّرحال ، ووطَّأت لك الأشياء ، وذلَّلتُ لك الأعداء ، وأخضعتُ لك أعناقَ العرب ، وجمعتُ لك من جمع واحد ـ وقيل : وجمعتُ
__________________
تاريخ الرُسُل والملوك ٩/٤٢٧ ، ٤٣١ ، ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ٤٧٠ ، ٤٧٧ ، ٤٨٠ ـ ٤٨٣ ، ٤٨٧ ، ٤٨٨ ، ٤٩٣ ، ٤٩٥ ، ٤٩٨ ، ٤٩٩ ، ٥٠٣ ، ٥٢١ ، ٥٢٢ ، ٥٢٥ ، ٥٢٨ ، ٥٣٨ ـ ٥٤٠ ، ٥٤٢ ، ٥٤٣ ، ٥٤٦ ...
(١) تاريخ الرُسُل والملوك ٥/٣٣٨.