تشغل الباحث ؛ ومن هنا كان بالإمكان إعادة تنسيقها وتشكيلها بحسب التسلسل الزمني للأحداث والخروج بمقتل متكامل أو شبه متكامل.
وحول المنهجية العلمية التي اعتمدها الطبري في الإفادة من مرويّات أبي مخنف بما يتعلَّق بموضوع الدراسة ، وطريقة توظيفها خدمةً لمسار الأحداث التاريخية التي عالجها وعرضها في كتابهِ ، نُعيد أوّلاً ما ورد في إشارتنا السابقة عن دور وأسلوب الطبري في التعتيم أو التخلّص من كتاب أبي مخنف ، هذا الأسلوب الذي عَمَد إلى استخدامهِ لاحقاً أيضاً ، فقد قام بمثل هذهِ العملية ـ على سبيل المثال ـ عندما تناول ثورة الزنج Zanj Rebellionفي البصرة (٢٥٥ ـ ٢٧٠هـ / ٨٦٩ ـ ٨٨٣م) ، إذ اعتمد على كتاب مُحمَّد بن الحسن(٣٦) المعروف بـ : (شيلمة) وكان صاحب علي بن مُحمَّد (ت٢٧٠هـ/٨٨٣م) قائد الزنج وقد ألَّف كتاباً سمَّاه أخبار صاحب الزنج ، فنجده يتدخّل في أخبار شيلمة ويُزيّفها ويعدّل فيها حيثما يشاء تزلّفاً للحُكَّام من أجل نقل تراث العباسيّين ومواقفهم من هذهِ الثورة العظيمة(٣٧).
__________________
(١) هو : مُحمَّد بن الحسن بن سهل المعروف بـ : (شيلمة) الكاتب. وشيلمة لقبٌ لمُحمَّد هذا ، وأبو الحسن بن سهل هو الوزير المعروف أخو الفضل بن سهل ، مات محروقاً. وكان شيلمة أوّلاً مع العلوىِّ صاحب الزنج ، ثمَّ صار إلى بغداد وأُومن ثمَّ خلَّط وسعى لبعض الخوارج فحرقه المعتضد بالله الخليفة العبّاسي (٢٤٢ ـ ٢٨٩هـ/٨٥٦ ـ ٩٠٣م) حيّاً وكان مصلوباً على عمود خيمة. له من الكتب المُصنَّفة : (كتاب أخبار صاحب الزنج) ؛ (كتاب رسائلهِ). يُنظر : فهرست ابن النديم : ٢٠٥ ؛ إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ٦/٢٤٩٩ ـ ٢٥٠٠ ؛ الوافي بالوفيات ٢/٢٥٩.
(٢) حول الروايات التي نقلها الطبري عن مُحمَّد بن الحسن بن سهل شيلمة ، يُنظر :