وَصَاحَبَ فِيهَا العَفَافَ ، وَتَزوَّدَ للرَّحِيلِ ، وتَأَهَّبَ للمَسِيرِ ، أَلاَ وَإنَّ أَعْقَلَ النَّاسِ عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ ؛ فَأَطَاعَهُ ، وَعَرَفَ عَدوَّهُ ؛ فَأَبْغَضَهُ ، وَعَرَفَ دَارَ إِقَامَتِهِ ؛ فَأَصْلَحَهَا ، وَعَرَفَ سُرْعَةَ رَحِيلِهِ ؛ فَتزوَّدَ لَهَا ، أَلاَ وَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ مَا صَحِبَهُ التَّقْوَى ، وَخَيْرُ العَمَلِ مَا تَقَدَّمَ المَنِيَّةَ ، وَأَعْلَى النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ أَخْوَفُهُمْ مِنْهُ)(١) ، وَقَالَ (صلى الله عليه وآله) : (علَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الغِنَى والفَقْرِ واستَعِينُوا بِبَعْضِ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ)(٢) ، وَقَالَ أَمِيرُ المؤْمِنينَ عليهالسلام مُحَدِّثاً عَنْهُ (صلى الله عليه وآله)(مَنْ تَوفَّرَ حَظُّهُ فِي الدُّنْيا انْتَقَصَ حَظُّهُ فِي الآخِرَةِ وَإِنْ كَانَ كَرِيماً)(٣) ، وَسُئِلَ الصَّادِقُ عليهالسلام : (الفَقْرُ مِنَ الدِّينارِ والدِّرْهَمِ؟ فَقَالَ عليهالسلام : لاَ وَلَكِنَّ الفَقْرَ مِنَ الدِّينِ)(٤) ، وَقَالَ (صلى الله عليه وآله) : (مَا كَانَ مِنْ وِلْدِ آدَمَ مُؤْمِنٌ إلاّ فَقِيراً ، وَلاَ كَافِرٌ إلاّ غَنيّاً حتَّى جَاءَ إبْراهِيمُ عليهالسلام ؛ فَقَالَ : رَبُّنا لاَ تجْعَلْنَا فِتْنَةً للذِينَ كَفَرُوا ؛ فَصيَّرَ اللهُ فِي هَؤلاءِ أَمْوالا وَحَاجَةً ، وَفِي هَؤلاءِ أَمْوالا وَحَاجَةً)(٥).
وَأَنْتُمَا إِذَا تَأَمَّلْتُمَا فِي مَا ذَكَرْتُهُ لَكُمَا مِنَ الأَخْبَارِ تَجِدَانِّهَا ظَاهِرَةً فِي مَا ذَكَرْتُهُ لَكُمَا ، وَعَلَى مَا اسْتَفدْتُهُ مِنْهَا وبَيَّنْتُهُ تَنزِلُ عُمُومَاتُ حُجَجِكُمَا ، ويتَّضِحُ لَكُمَا دَلاَلةُ الخَاصِّ مِنْهَا عَلَى مَا قُلْتُهُ لَكُمَا ، وفِيكُمَا ؛ فَأَنْتُما لَوْ خُلِّيتُما ونفْسَيْكُمَا التي أَوْجَدَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ محْمُودَانِ جَيِّدَانِ نقيَّانِ ، وكذَلِكَ تَكُونَانِ
__________________
(١) البحار ٧٤/١٧٩.
(٢) تحف العقول : ٥١٣.
(٣) معارج اليقين : ٣٠٠ ، البحار ٦٩/٤٨.
(٤) الكافي٢/٢٦٦/٢/١. اختلاف يسير في اللفظ.
(٥) الكافي ٢/٢٦٢/١٠/١.