أَجْوَافِهِمْ(١) ، وَقَالَ الرِّضَا عليهالسلام : (لاَ يَجْتَمِعُ الْمَالُ إلاّ بِخِصَال خَمْس : بُخْلٌ شَدِيدٌ ، وَأَمَلٌ طَوِيلٌ ، وَحِرْصٌ غَالِبٌ ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ ، وَإِيْثَارُ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ)(٢) ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرُّوَاياتِ وَالأَخْبَارِ الجَارِيَةِ فِي حَلْبَةِ هَذَا المِضْمَارِ عَنِ النَّبىِّ وَآلِهِ العِتْرَةِ الأَبْرَارِ عليهمالسلام ، فَأقْلِعْ أَيُّها المُخَاصِمُ عَمَّا كُنْتَ فِيهِ ، وَكُفَّ عَنْ غَيِّكَ وَبَغْيِكَ ؛ أَمَا عَلِمْتَ أنَّ كُلَّ بَاغ يُصْرَعُ بِغَيِّهِ ، وَاكْتَفِ مِنِّي بِمَا لَكَ أَبْدَيْتُهُ ، وَلاَ تَضْطَرّنِي إِلَى تِبْيَانِ مَا عَلَيكَ أَخْفَيتُهُ ، وَدَعْهُ مَكْنُوناً بِخِزَانَةِ الضَّمِيرِ ، وَلاَ يُنِبئُكَ عَنْهُ مِثْلُ خَبِير.
(فِي مَحَاسِنِ الْفَقْرِ ، وَمَدْحِ الْفُقَرَاءِ وَثَوَابِهِمْ)
ثُمَّ طَفِقَ الْفَقْرُ مُخَاطِباً الْغِنَى : وَأَمَّا مَا نَسَبْتَهُ لِي فِيهِ مِنْ ذَمِيمِ الْخِصَالِ ، وَقَبِيحِ الصِّفَاتِ وَالفِعَالِ ؛ فَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي عَنْهَا ، وَقَدْ جَلَّ مَنْ لاَ عَيْبَ فِيهِ وَعَلا ، وَلَوْ تَأَمَّلْتَ بِعَيْنِ بَصِيرَتِكَ وَثَاقِبِ فِكْرَتِكِ إِلَى قَوْلِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ ، وَكَلامِ خَاتَمِ النَّبيِّينَ (صلى الله عليه وآله) فِي شَأْنِي وَحَسْبِي فِيهِ شَرَفاً ، وَفَخْراً ، وَجَلالَةً مِمَّا فِيَّ وَقَدْراً لأَحْجَمْتَ عَنِ الكَلامِ مَدَى الشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ ؛ حَيْثُ قَالَ (صلى الله عليه وآله) : (الفَقْرُ فَخْرِي ، وَبِهِ أَفْتَخِرُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ)(٣) ، وَقَالَ (صلى الله عليه وآله) : (فِي مُنَاجَاةِ مُوسَى : يَا
__________________
(١) تفسير القمّي ١/٢٨٩.
(٢) الخصال : ٢٨٢.
(٣) عوالي اللئالي ١/٣٩ ، البحار ٦٩/٣٠ ، وهذا الفقر المفتخر به هو الفقر المعنوي الذي معناه عدم الاحتياج إلى غير الله تعالى ، بل إنّي فقير محتاج إلى الله ، فلا غناء لي بدونه وإنّما كان هذا فخراً على سائر الأنبياء مع مشاركتهم له في هذا المعنى ، لأنّه عليهالسلام