وَالبُخْلُ ، وَكَفَى بِهِمَا لَهُ فِي الدُّنْيَا سُمّاً نَاقِعاً ، وَسَيْفاً قَاطِعاً ، وهَلاكاً عَاجِلا ، وَفِي الأُخْرَى الدُّخُولُ إِلَى النَّارِ وَبِئْسَ القَرَارُ ، وَيَشْهَدُ بِقُبْحِ مَا قُلْتُهُ وَبَيَّنْتُهُ مَا مَرَّ مِنْ تَحْذِيرِ النَّبىِّ (صلى الله عليه وآله) عَنْ حُبِّكَ وَالاسْتِكْثَارِ مِنْكَ وَمَا سَيَأْتِي ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَمِّ الْحِرْصِ وَالْبُخْلِ ، وَالنَّهْي عَنْهُمَا جُمْلَةٌ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمُتَكَاثِرَةِ وُرُوداً عَنِ العِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ عليهمالسلام التِي فِيهَا مَا رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ عليهالسلام : (لاَ تَحْرِصْ عَلَى شَيء لَوْ تَرَكْتَهُ لَوَصَلَ إِلَيكَ ، وَكُنْتَ عِنْدَ اللهِ مُسْتَرِيحاً مَحْمُوداً بِتَرْكِهِ ، ومَذْمُوماً بِاسْتِعْجَالِكَ فِي طَلَبِهِ)(١) ، وَقَالَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله) : (الْحَرِيصُ مَحْرُومٌ ، وهُوَ مَعَ حِرْمَانِهِ مَذْمُومٌ فِي أَيِّ شَيء كَانَ ، وَكَيْفَ لاَ يَكُونُ مَحْرُوماً؟ وَقَدْ فَرَّ مِنْ وَثَاقِ اللهِ ، وَخَالَفَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، حَيْثُ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ)(٢) ، والْحَرِيصُ بَيْنَ(٣)سَبْعِ آفَات صَعْبَة : فِكْرٌ يَضُرُّ بَدَنَهُ وَلاَ يَنْفَعُهُ ، وَهْمٌ لاَ يَتَمُّ لَهُ أَقْصَاهُ ، وَتَعَبٌ لاَ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ إلاّ عِنْدَ المَوْتِ ، وَيَكُونُ عِنْدَ الرَّاحَةِ أَشَدَّ تَعَباً ، وَخَوْفٌ لاَ يُورِثُهُ إلاّ الوُقُوعَ فِيهِ ، وَحُزْنٌ قَدْ كَدَّرَ عَلَيهِ عَيْشَهُ بِلا فَائِدَة ، وَحِسَابٌ لاَ يُخَلِّصُهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ إلاّ أَنْ يعْفُوَ اللهُ عَنْهُ ، وَعِقَابٌ لاَ مَفَرَّ لَهُ مِنْهُ وَلاَ حِيلَةَ ، والْمُتوكِّلُ عَلَى اللهِ يُمْسِي وَيُصْبِحُ فِي كَنَفِ اللهِ تَعَالَى ،
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١٢/٦٠ ، تتمّة الحديث : (وترك التوكّل عليه ، والرضى بالقسم ، فإنّ الدنيا خلقها الله بمنزلة ظلّك ، إن طلبته أتعبك ولا تلحقه أبداً ، وإن تركته تبعك وأنت مستريح).
(٢) الروم : ٤٠.
(٣) في المخطوط : (بين). والتصويب من المصدر.