وَيَتقاتَلُونَ)(١) ؛ فَإِنَّ الْحَسَدَ بَيْنَ النَّاسِ لاَ يَكُونُ إلاّ مِنْ قِبَلِكَ ، وَمَنْ كَثْرَتِكَ ؛ وَقَدْ بَكَّتَ اللهُ سُبْحَانَهُ الحَسَدَةَ فِي كِتَابِهِ ؛ فَقَالَ : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)(٢) ، وَكَذَلِكَ القَتْلُ بَيْنَ النَّاسِ لَمْ يَظْهَرْ إلاّ مِنْ أَجْلِكَ بِنَصِّ هَذَا الْحَدِيثِ ؛ فَلَوْ كُنْتَ وَرِعاً لَمَا قُلْتَ : أَنَا ، أَنَا ، وَأَنْتَ أَنْتَ فَأَنْتَ حَرِيٌّ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ :
وَكَمْ مِنْ عَائِب شَخْصاً بِعَيْب |
|
وَقَدْ جُمِعَتْ بِهِ كُلُّ الْعُيُوبِ(٣) |
وَلَسْتُ أَنَا مِثْلَكَ مُسْتَطْرِداً لِجَمِيعِ مَعَايِبِكَ ، وَلاَ ذَاكِراً لِكُلِّ قَبَائِحِكَ اللازِمَةِ لِذَاتِكِ فَضْلا عَنِ العَارِضِةِ الطَّارِئَةِ ؛ فَاكْفُفْ غَرْبَ لِسَانِكَ ، وَخُذْ مِنْ فَضْلِ عِنَانِكِ ؛ فَلَرُبَّمَا كَلِمِة سَلَبَتْ نِعْمَةً ، وَجَلَبَتْ نِقْمَةً ، واللِسَانُ كَلْبٌ عَقُورٌ إِنْ تَرَكْتَهُ بِحَالِهِ عَقَرَكَ ، وَلَوْ كَانَ الْكَلامُ مِنْ فِضَّة لَكَانَ السُّكُوتُ مِنْ ذَهَب ، وَسَلاَمَةُ الإِنْسَانِ فِي حِفْظِ اللِسَانِ ، وَلَوْ أَرَدْتَ زِيَادَةَ التَّنْبِيهِ عَلَى جِنَايَتِكِ مَعَ مَنْ لاَزَمَكَ ، وَأَحبَّ عِنْدَهُ جَمْعَكَ ، وَأَذَاَبَ نَفْسَهُ فِي لَـمِّكَ وحِفْظِكِ ، وَقَدَّمَكَ مَحَبَّةً وَمُحَافَظَةً عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وأَخِيهِ وبَنِيهِ ؛ فَإِنَّكَ أَوْرَثْتَهُ خِصْلَتَينِ رَدِيئَتَينِ قَبِيحَتَيْنِ رَذِيلَتَيْنِ تَسْحَبُهُ بِهَا إِلَى النَّارِ ، وَغَضَبِ الْجَبَّارِ ، أَلاَ وَهُمَا الْحِرْصُ
__________________
(١) ميزان الحكمة ١/١١١ ، وفيه (يقتتلون) ، وفي مسند الشاميين للطبراني ٢/١٦٤ : (فيتحاسدوا ويقتتلوا ....).
(٢) النساء : ٥٤.
(٣) يبدو أنّ البيت من إنشاء الشيخ رحمهالله فهو من بحره ، ويوجد مماثل للمتنبّي في ديوانه ٤/ ٢٤٦ :
وكم من عائب قولاً صحيحاً |
|
وآفته من الفهم السقيم |