عَنْ مَحَارِمِ اللهِ ، وَزَهِدُوا فِي عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْيَا ، ورَغِبُوا فِي مَا عِنْدَ اللهِ ، وَاكْتَسَبُوا الطَّيِّبَ مِنْ رِزْقِ اللهِ ، لاَ يُرِيدُونَ التَّفَاخُرَ ، وَالتَّكَاثُرَ ؛ ثُمَّ أَنْفَقُوهُ فِي مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ حُقُوق وَاجِبَة ؛ فَأُولَئِكَ الذِينَ بَارَكَ اللهُ لَهُمْ فِي مَا اكْتَسَبُوا ، وَيُثَابُونَ عَلَى مَا قَدَّمُوا لآخِرَتِهِمْ)(١) ، وَعَنِ الصَّادِقِ عليهالسلام ، قَالَ : (قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليهالسلام : كَانَ فَي مَا وَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ لَهُ : يَا بُنَي ؛ لِيَعْتَبِرْ مَنْ قَصُرَ يَقِينُهُ ، وَضَعُفَتْ نِيَّتُهُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي ثَلاثَةِ أَحْوَال مِنْ أَمْرِهِ ، وَأَتَاهُ رِزْقَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي وَاحِدَة مِنْهَا كَسْبٌ ، وَلاَ حِيْلَةٌ إِنَ اللهَ سَيْرْزُقُه ُفِي حَالِهِ الرَّابِعَةِ ، أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّهُ كَانَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ يَرْزُقُهُ هُنَاكَ فِي قَرَار مَكِين ؛ حَيْثُ لاَ يُؤْذِيهِ حَرٌّ وَلاَ بَرْدٌ ؛ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَجْرَى لَهُ رِزْقاً مِنْ لَبَنِ أُمِّهْ يَكْفِيهِ وَيُرَبِّيهِ وَيُنْعِشُهُ مِنْ غَيْرِ حَوْل لَهُ وَلاَ قُوَّة بِهِ ؛ ثُمَّ فُطِمَ مِنْ ذَلِكَ وَأَجْرَى لَهُ رِزْقاً مِنْ كَسْبِ أَبَوَيْهِ بِرَأْفَة وَرَحْمَة لَهُ مِنْ قُلُوبِهِمَا ، لاَ يَمْلِكَانِ غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُمَا يُؤْثِرَانِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي أَحْوَال كَثِيرَة ، حتَّى إِذَا كَبُرَ وَعَقِلَ ، وَاكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ ضَاقَ بِهِ أَمْرُهُ ، وَظَنَّ الظُّنُونَ بِرَبِّهِ ، وَجَحَدَ الْحُقُوقَ فِي مَالِهِ ، وَقَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ ؛ مَخَافَةَ إِقْتَارِ رِزْق ، وَسُوءِ يَقِين بِالْخَلَفِ(٢) مِنَ اللهِ تَعَالَى فِي الْعَاجِلِ وَالآجِلِ ، وَظَلَّ يُكْدِحُ نَفْسَهُ ، وَيُتْعِبُهَا فِي طَلَبِ الْمَالِ
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢/١٢٤ ، وينظر : البحار ٦٦/٢٧٧.
(٢) في المخطوط بالقاف.