تُنْفِقُنِي فِي سَبِيلِ اللهِ لَمْ أَمْتَنِعْ عَلَيْكَ ، وَلَمْ أَنْقُصْ عَلَيْكَ ؛ فَلِمَ تَسُبُّنِي؟ وَأَنْتَ أَلأَمُ مِنِّي ؛ وَإِنَّما خُلِقْتُ أَنَا وَأَنْتَ مِنْ تُرَاب) .. الْحَدِيثُ .. ، وَعَلَى هَذَا ؛ فَأَنْتَ لِمَنْ لَزِمَكَ وَصَاحِبَكَ بِئْسَ الْقَرِينُ ، وَشَرُّ الخَدِينِ(١) ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فِتْنَةً ، وَعَدُوّاً ؛ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ : (أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(٢) ، وَقَالَ : (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ)(٣) ، وأَيْضاً ؛ فَقَدْ نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْ إِشْغَالِ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِكَ وبِمَنْ أَوْلاَكَ ؛ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ)(٤) ، وَأَيْضاً قَدْ عَدَّ الْجَامِعَ وَالْكَانِزَ لَكَ ـ وَلَمْ يَنْفَعْكَ مِنَ الْوَجْهِ الذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ ـ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ؛ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُعَذَّبُ بِكَ ؛ فَقَالَ فِي قُرْآنِهِ الْمَجِيدِ ، وَفُرْقَانِهِ الْحَمِيدِ : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب أَلِيم* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)(٥) ، وَنَاهِيكَ ذَمّاً فِي حَقِّكَ وَحَقِّ مَنْ حَلَلْتَ بِسَاحَتِهِ ، وَمَلَّكْتَهُ قِيَادَكَ ، وَأَعْطَيْتَهُ زِمَامَكَ مَا وَرَدَ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ،
__________________
(١) الخدين : مخادنك يكون معك في ظاهر أمرك وباطنه. العين ٤/٢٣٢.
(٢) الأنفال : ٢٨.
(٣) هذه الآية غير واضحة في متن المخطوطة والواضح منها (عَدُوّاً لَكُمْ). وهي سورة التغابن : ١٤.
(٤) المنافقون : ٩.
(٥) التوبة : ٣٤ ـ ٣٥.