الْعَالَمِينَ)(١) ، وَيُصدِّقُ مَا قُلْتُهُ عَنْ وُجُودِ هَذِهِ الصِّفَةِ بِكَ مَا رَوَاهُ فِي عُدَّةِ الدَّاعِي عَنِ النَّبىِّ (صلى الله عليه وآله) : (احْذَرُوا الْمَالَ ـ وَفِي نُسْخَة احذَرُوا الْغِنَى ـ فَإِنَّهُ كَانَ فَي مَا مَضَى رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ مَالاً وَوَلَداً وَشَغَلَ نَفْسَهُ بِهِمَا ، وَجَمَعَ لِوِلْدِهِ مِنَ الْمَالِ ؛ فَأَوْعَى ؛ فَلَمَّا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَرَعَ بَابَهُ وَهُوَ فِي زِيِّ مِسْكِين ؛ فَخَرَجَ إِلَيهِ الحُجَّابُ ؛ فَقَالَ لَهُمْ ادْعُوا لِي سَيِّدَكُمْ ، قَالُوا : لاَ يَخْرُجُ سَيِّدُنا اِلَى مِثْلِكَ ، وَدَفَعُوهُ حَتَّى نَحُّوهُ عَنِ البَابِ ؛ ثُمَّ عَادَ إِلَيهِمْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الهَيْأةِ ، وَقَالَ أخْبِرُوهُ أنِّي مَلَكُ الْمَوْتِ ؛ فَلَمَّا سَمِعَ سَيِّدُهُمْ هَذَا الْكَلامَ قَعَدَ فَرَقاً ، وَقَالَ لأصْحَابِهِ لَيِّنُوا لَهُ فِي الْمَقَالِ وَقُولُوا لَهُ لَعَلَّكَ تَطْلُبُ غَيْرَ سَيِّدِنَا! ، بَارَكَ اللهُ فِيكَ ، قَالَ لَهُمْ : لاَ ، وَدَخَلَ عَلَيهِ ، وَقَالَ لَهُ قُمْ فَأَوْصِ مَا كُنْتَ مُوصِياً ؛ فَإِنِّي قَابِضٌ رُوحَكَ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ ؛ فَصَاحَ أَهْلُهُ ، وَبَكُوا ؛ فَقَالَ : افْتَحُوا الصَّنادِيقَ ، وَاكْتُبُوا مَا فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ ، وَالفِضَّةِ ؛ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمَالِ يَسُبُّهُ ، ويَقُولُ لَهُ : لَعَنَكَ اللهُ يَا مَالُ ، أَنْتَ أَنْسَيْتَنِي ذِكْرَ رَبِّي ، وَأَغْفَلْتَنِي عَنْ أَمْرِ آخِرَتِي حَتَّى أَطْغَيْتَنِي ؛ فَأَنْطَقَ اللهُ الْمَالَ ؛ فَقَالَ لَهُ : لِمَ تَسُبُّنِي؟ وَأَنْتَ أَلأمُ مِنِّي ، أَلَمْ تَكُنْ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ حَقِيراً فَعَظَّمُوكَ ؛ لِمَا رَأَوْا عَلَيكَ مِنْ أَثَرِي؟! ، أَلَمْ تَحْضُرْ أَبْوَابَ الْمُلُوكِ وَيَحْضَرُهَا الصَّالِحُونَ فَتَدْخُلَ قَبْلَهُمْ وَيُؤخَّرُونَ؟! ، أَلَمْ تَخْطِبْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ والسَّادَاتِ وَيَخْطِبُهُنَّ الصَّالِحُونَ فَتَنْكِحَ وَيُرَدُّونَ؟!! فَلَوْ كُنْتَ
__________________
(١) الحشر : ١٦.