أحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ فَاسِقٌ ، فَخَرَجَا مِنَ المَسْجِدِ وَالفَاسِقُ صِدِّيقٌ ، والعَابِدُ فَاسِقٌ ؛ وذَلِكَ أَنَّهُ يَدْخُلُ العَابِدُ المَسْجِدَ مُدلاًّ بِعِبادَتِهِ يَدُلُّ بِهَا فَتَكُونُ فِكْرَتُهُ فِي ذَلِكَ ، وتَكُونُ فِكْرَةُ الفَاسِقُ فِي التَّنَدُّمِ عَلَى فِسْقِهِ ، وَيسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى لِمَا ذَكَرَ(١) مِنَ الذُّنُوبِ)(٢) ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابنُ الحَجَّاجِ للصَّادِقِ عليهالسلام : (قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : الرَّجُلُ يَعْمَلُ العَمَلَ وَهُوَ خَائِفٌ مُشْفِقٌ ؛ ثُمَّ يَعْمَلُ شيْئاً مِنَ البِرِّ ؛ فَيدْخُلُهُ شِبْهُ العُجْبِ بِهِ ؛ فَقَالَ : هُوَ فِي حَالِهِ الأُوْلَى وَهُوَ خَائِفٌ أَحْسَنُ حَالا مِنْهُ فِي حَالِ عُجْبِهِ)(٣) ، وَرُوِيَ عَنْهُ عليهالسلام عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) : (قَالَ اللهُ تَعَالَى لِدَاوُدَ عليهالسلام يَا دَاوُدُ بِشِّرِ الْمُذْنِبينَ ، وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ ، قَالَ كَيْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبينَ ، وَأُنْذِرُ الصِّدِّيقِينَ؟! قَالَ : يَا دَاوُدُ بِشِّرِ الْمُذْنِبينَ أَنِّي أَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَأْعْفُو عَنِ الذَّنْبِ ، وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ أَلاَّ يُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أُنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إلاّ هَلَكَ)(٤) ، وَرُوِيَ عَنْ عِيْسَى عليهالسلام إنَّهُ قَالَ : (كَمْ مِنْ سَرَاج أَطْفَأَتْهُ الرِّيحُ ، وَكَمْ مِنْ عَابِد أَفْسَدَهُ الْعُجْبُ)(٥) ، وَعَنِ الصَّادِقِ عليهالسلام : (الْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ مِمَّنْ يَعْجَبُ بِعَمَلِهِ ، وَلاَ يَدْرِي بِمَ يُخْتَمُ لَهُ ؛ فَمَنْ أُعْجِبَ بَنَفْسِهِ
__________________
(١) في نسخة : صنع.
(٢) الكافي ٢/٣١٤/٦/١.
(٣) الكافي ٢/ ٣١٤/٧/١.
(٤) الكافي ، ٢/٣١٤/٨/١.
(٥) في مستدرك الوسائل ١/١٣٩ ،(أطفأه) ، وفي البحار ٦٩/٣٢٢ (أطفأته) ، والصواب بالتاء لأنّ الريح مؤنّث.