عَنْ غَضَب مِنَ اللهِ تَعَالَى عَلَيهِ لِذَنْب اطَّلَعَ عَلَيهِ اللهُ تَعَالَى وَخَفِيَ عَلَيهِ ؛ فَقَالَ هَذَا القَوْلَ إِرَادَةَ بَراءَتِهِ وَتَنْزيهِهُ عَنِ الذَّنْبِ لَوْ تَسَنَّى لَهُ عليهالسلام أَنْ يُدْلِيَ بِحُجَّتِهِ لِلْبَراءَةِ وَالتَّنْزيهِ ، وَظَنَّ أَنْ لاَ يَتسنَّى لَهُ ذَلِكَ ؛ فَتَسنَّى لَهُ ذَلِكَ ، كَمَا عَرَفْتَ ، وَأَدْلَى بِحُجَّتِهِ الظَّاهِرَةِ بِبَراءَتِهِ ؛ فَأَخْبَرَهُ جَلَّ وَعَلا أَنَّ ذَلِكَ الذِي فَعَلَهُ إِنَّما هُوَ بِمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْقُوَّةِ وِبِمَا سَهَّلَهُ اللهُ بِيُسْرِهِ وَوَفَّقَهُ لَهُ ، فَهُوَ مِنْ عطَائِهِ ، وَبيَّنَ لَهُ تَعَالَى إِنْ كَانَتْ هَذِهِ حُجَّتَكَ التِي تَحْتَجُّ بِهَا فَهِيَ مِنِّي فَكَيْفَ تَحْتَجُّ بِهَا عَلىَّ وَتَجْعَلُهَا عِوَضاً عمَّا أَعْطَيْتُكَ؟ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ العِتَابِ مِنَ الأَحْبَابِ ؛ لا أنّهُ مِنْ قَبِيلِ المُؤَاخَذَةِ والعِقَابِ ، وَلَوْ كَانَ عِقَاباً لَمَا شَفَاهُ مِنْ مَرَضِهِ ؛ فَلا عَجَبَ ، وَلاَ مِنَّةَ حَقِيقيَّةً مِنْهُ ؛ وَبِالجُمْلَةِ فَهِيَ منَّةٌ مَعَ تَنْبِيه لأيُّوبَ عليهالسلام أنَّ مَا تَجْعَلُهُ شُكْراً لِي مِنْكَ عَلَى نِعَمِي فَهُوَ مِنْ عَطَائِي وَفَضْلي فَكَيْفَ تَجْعَلُهُ حُجَّةً؟ وَرُوِيَ عَنْهُ عليهالسلام أَيْضاً أنَّهُ قَالَ : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَنْدَمُ عَلَيهِ ، ويَعْمَلُ العَمَلَ فَيَسُرُّهُ ذَلِكَ فيَتَراخَى عَنْ حَالِهِ تِلْكَ ، فَلأنْ يَكُونُ علَى حَالِهِ تِلْكَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ)(١) ، وَقَالَ عليهالسلام : (أَتَى عَالِمٌ عَابِداً ؛ فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ صَلاتُكَ؟ فَقَالَ مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ صَلاتِهِ ، وَأَنا أَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالى مُنْذُ كَذَا ، وَكَذَا؟! قَالَ : فَكَيْفَ بُكَاؤُكَ؟ قَالَ : أَبْكِي حَتَّى تَجْرِي دُمُوعِي ؛ فَقَالَ لَهُ العَالِمُ فَإنَّ ضِحْكَكَ وَأَنْتَ خَائِفٌ أَفْضَلُ(٢) مِنْ بُكائِكَ وَأَنْتَ مُدِلٌّ ، إِنَّ المُدِلَّ لاَ يَصْعَدُ مِنْ عَمَلِهِ شيءٌ)(٣) ، وَرُوِيَ عَنْ أَحَدِهِمَا (أَنَّهُ دَخَلَ رَجُلانِ المَسْجِدَ
__________________
(١) الكافي ٢/ ٣١٣/٤/١.
(٢) في نسخة : خير.
(٣) الكافي ٢/٣١٣/٥/١.