بِعَوْنِ اللهِ المُتَعاَلِ ؛ فَقَدْ عِبْتَ عَلَيَّ بِمَا وَرَدَ مِنَ التَّعَوُّذِ مِنِّي مَعَ أَنَّكَ مَقْرُونٌ مَعِي بِذَلِكَ ؛ حَيْثُ قَالَ : (أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ فَقْر مُرْد ، وَمِنْ غِنىً مُطْغ)(١) ، وَقَدْ نَطَقَ الْقُرْآنُ بِأَنَّكَ مَنْبَعُ الْعُتُوِّ وَالطُّغْيَانِ ، وَالتَّمَرُّدِ والْعِصْيَانِ لِمَنِ انْتَسَبَ إِلَيكَ وَتَحلَّى بِكَ ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلاَ : (إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)(٢) ، وَقَالَ تَعَاَلى : (أَنْ كَانَ ذَا مَال وَبَنِينَ* إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ)(٣) ، فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ كَيْفَ أَسَأْتَ صُنْعاً مَعَ مَنِ اقْتَنَاكَ وَحَفِظَكَ ؛ فَتَرَكْتَهُ مُكذِّباً بِآيَاتِ رَبِّهِ ، مُعْتَقِداً أَنَّهَا مِنَ الأَسَاطِيرِ عَلَى صَفَحَاتِ الطَّوامِيرِ ؛ فَأَخْرَجْتَهُ مِنْ نُورِ الإِيْمانِ إِلَى ظُلْمَةِ الْكُفْرِ ؛ بَلْ جُلَّ مَنْ جَمَعَ مِنْكَ مَالا وَعَدَّدَهُ ؛ فَقَدِ اسْتَمَدَّ مِنْكَ مَدَدَهُ ، وَصَيَّرْتَ فِي عِدَادِ أَهْلِ النَّارِ عَدَدَهُ ؛ حَتَّى قَالَ سُبْحَانَهُ فِي حَقِّهِ : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَة لُمَزَة* الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ)(٤) .. إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وَكَمْ قَدْ أَرْدَى سُكْرُ كَثْرَتِكَ مِنَ النَّاسِ فِي هُوَّةِ الْمَهالِكِ ، وَأَلْجَأَهُمْ خَمْرُ
__________________
نواس بقوله :
فقل لمن يدّعي في العلم فلسفة. أوائل المقالات ، المفيد : ٢٦٦.
(١) في الدروع الواقية لابن طاووس : ١٤٧ (اللهمّ إنّي أعوذ بك من غنىً مطغ ، ومن فقر منس ، ومن هوىً مرد ، ومن عمل مخز). وانظر العدد القوية : ٣٤٨.
(٢) العلق : ٦ ـ ٧.
(٣) القلم : ١٤ ـ ١٥.
(٤) الهمزة : ١ ـ ٦.