عن شغفهم بالقرآن وحبهم لمتابعته من جهة أخرى ، فقد يظهر من كثير من الروايات كونهم يتحلقون لتلاوته ليلاً ، فقد رفع إليه :
« إني لأعرف أصوات الرفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار » (١).
٥ ـ « ومن المعلوم الذي لا خفاء به أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد كان يؤم أصحابه في الصلوات الخمس لا يخل بذلك في سفر ولا حضر ، فقرأ في الركعتين من كل صلاة بسورة مع فاتحة الكتاب ، ويسمعهم ذلك في الغداة والعشي. فماذا كان يسمعهم ليت شعري ، إن كانت آيات القرآن متفرقة ولم تنظم السور حتى أنها نظمت في أيام أبي بكر وعثمان ، فبماذا كان يقرع العرب حيث يقول الله تعالى : ( فأتوا بعشرِ سورٍ مثلِهِ مفترياتٍ ... ) (٢). وذلك مما نزل بمكة ، ثم قال تعالى : ( فأتوا بسورةٍ من مثلِهِ ... ) (٣). ونزل ذلك بالمدينة ، ولو كان على ما خيلوا لم يكن العباس ابن عبد المطلب يهرب يوم حنين حيث انهزم القول فيقول : يا أصحاب سورة البقرة ، وسورة آل عمران ، هذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. يستدعيهم بذلك إليه » (٤).
٦ ـ أورد ابن حجر ما أخرجه أحمد وأبو داود عن أوس بن أبي أوس ، وكان في الوفد الذين أسلموا على يد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : فسألنا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قلنا : كيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : نُحزّبه ثلاث سور ، وخمس سور ، وسبع سور ، وتسع سور ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل من ( ق ) حتى نختم ( يعني القرآن ).
قال ابن حجر : ( فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو عليه في المصحف الآن كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) (٥).
__________________
(١) الزرقاني ، مناهل العرفان : ١ / ٣١٣.
(٢) هود : ١٣.
(٣) البقرة : ٢٣.
(٤) مقدمتان في علوم القرآن : ٢٧.
(٥) ابن حجر ، فتح الباري : ٩ / ٤٢.