الروحي والإيثار ، وكان كذلك منطق الوحي بتعليماته ، الواحدة تلو الأخرى.
٧ ـ واشتد الأذى بالمسلمين ، فكانت قصص الغابرين إيذانا بحرب نفسية ، فما هم عنها ببعيد : ( وأنّهُ أهلكَ عاداً الأولى (٥٠) وثموداً فمَا أبقى (٥١) ) (١).
وكانت أحاديث الأنبياء مع أممهم ، واستقراء أحوالهم في العذاب ، نذيراً بما قد يصيب العرب نتيجة التكذيب ، والأمور تقاس بأضرابها : ( كذَّبَتْ عادٌ فكيف كان عذابي ونذرِ (١٨) إنّا أرسلنَا عليهم ريحاً صرصراً في يومِ نحسٍ مستمرٍّ (١٩) تنزعُ النَّاسَ كأنهمْ أعجازُ نخلٍ منقعرٍ (٢٠) ) (٢).
وهكذا الحال في كل من قوله تعالى :
( كذَّبَتْ ثمودُ بالنُّذرِ (٢٣) ).
( كذَّبَتْ قومُ لوطِ بالنُّذُرِ (٣٣) ).
( ولقد جآءَ ءَالَ فرعونَ النُّذُرُ (٤١) ) (٣).
وهي مؤشرات إنذارية في آيات من سورة واحدة ، فكيف بك في السور المكية كافة.
وقد ذكرت قريش بعذاب الاستئصال في الفترة المكية ، وكان ذلك مجالاً رحباً من مجالات الوحي في هذه الحقبة العصيبة ، فثاب من ثاب إلى رشد ، وتجبر من تجبر في ضلال ، وأمثلة عديدة متوافرة ، ومن نماذجه قوله تعالى ( أوَلَمْ يهدِ لهم كَمْ أهلكنا من قبلِهِم من القرونِ يمشونَ في مساكنِهِم إنَّ في ذلكَ لآياتٍ أفلا يسمعونَ (٢٦) ) (٤).
وهكذا الإشارة إلى مجموعة الأمم المكذبة ، وقد مزقوا كل ممزق ، كما في قوله تعالى : ( ثمّ أرسلنا رسلنا تترا كلَّ ما جآءَ أمَّةً رسولُهَا كذَّبُوه فأتبعنَا بعضَهم بعضاً وجعلناهم أحاديثَ فبُعداً لقومٍ لا يؤمنونَ (٤٤) ) (٥).
__________________
(١) النجم : ٥٠ ـ ٥١.
(٢) القمر : ١٨ ـ ٢٠.
(٣) على التوالي : سورة القمر : ٢٣ ، ٣٣ ، ٤١.
(٤) السجدة : ٢٦.
(٥) المؤمنون : ٤٤.