قريش في القراءة المصحفية زمن عثمان ، وكتابة نص متكامل لهذا التوحيد ، في المصحف الأمام المتداول إلى اليوم مرسومه ، إلا أن ذلك النص ـ مضافاً إلى تسويته بالخط الكوفي القديم ـ جاء مجرداً : « من النقط والشكل ، ليحتمل ما صح نقله ، وثبتت تلاوته عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ كان الإعتماد على الحفظ ، لا مجرد الخط » (١).
ورسم المصحف ـ كما سنفصل القول فيه بإذن الله تعالى ـ جاء مجرداً من كل علامات الشكل والنقط والأعجام ، لأنهم كانوا يستحبون تلخيص القرآن من كل الزوائد على الخط الكوفي ، ولما أورده جملة من أهل العلم ـ من قول مشترك يحتمل عدة معان ـ أن السلف كانوا يقولون : « جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء » (٢).
فلم تكتب مضافاً إلى إهمال النقط والأعراب ، حتى أسماء السور ، ولم يدون عدد آياتها ، ولا الإشارة إلى مكيها ومدنيها.
وقد اختلفوا فيما تبين فيه القراءة من الشكل ، وكان اختلافهم مبنياً على قناعات خاصة في أغلب الأحيان.
فقد كره إبراهيم النخعي الكوفي ( ت : ٩٦ ه ) نقط المصاحف (٣).
وكره جملة الزيادات التوضيحية في المصاحف كل من : محمد بن سيرين ( ت : ١١٠ ه ) والحسن البصري ( ت : ١١٠ ه ) (٤).
وكان ذلك منهم بعناية الحفاظ على الشكل الأول للمصحف ، وقد يغلب على ظنهم احتمال التحريف لو أباحوا ذلك ، وقد يكون ذلك بداعي المغالاة في تقديس الرسم الأول ، بينما أفتى النووي باستحباب نقطه وشكله صيانة له عن اللحن والتحريف (٥).
__________________
(١) القسطلاني ، لطائف الإشارات : ١ / ٦٤.
(٢) ظ : أبو عبيد ، غريب الحديث : ٤ / ٤٩ + الداني ، المحكم : ١٠ + السيوطي ، الاتقان : ٤ / ١٦٠.
(٣) ظ : الداني ، المحكم : ١١ + السيوطي : ٤ / ١٦٠.
(٤) ظ : ابن أبي داود ، المصاحف : ١٤١.
(٥) ظ : القسطلاني ، لطائف الإشارات : ١ / ٣٣٢.