مما فيه المنقصة ، لما عرفت من أن المراد من كونه أقل ثوابا ، إنما هو بقياسه إلى نفس الطبيعة المتشخصة بما لا يحدث معه مزية لها ، ولا منقصة من المشخصات ، وكذا كونه أكثر ثوابا ، ولا يخفى أن النهي في هذا القسم لا يصح إلّا للإرشاد ، بخلاف القسم الأول ، فإنه يكون فيه مولويا ، وإن كان حمله على الإرشاد بمكان من الإمكان.
وأما القسم الثالث : فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة المتحدة مع ذاك العنوان أو الملازمة له بالعرض والمجاز [١] ، وكان المنهي عنه به حقيقة ذاك
______________________________________________________
للإرشاد إلى الكمال أو المنقصة في الطبيعي بخصوصية بعض الافراد أو بعض الابدال المعبّر عنهما بأكثرية الثواب أو أقليته بالنسبة إلى نفس الطبيعة ولا وجه للإيراد على تفسير النهي في هذا القسم من العبادة بأقليّة الثواب بأنّ ردّ السلام والتحية مثلا أقل ثوابا من الابتداء بالسلام فيكون ردّه مكروها وكذا بعض الواجب أقلّ ثوابا من الجهاد في سبيل الله فيلزم كونه مكروها أو أنّ الصلاة في الدار مستحبة لكونها أكثر ثوابا من الصلاة في الحمام وذلك فإنّ المقيس عليه في كون العبادة أقل ثوابا أو أكثر ثوابا هو الطبيعي بالتشخص الذي لا دخل للخصوصية في ملاكه زيادة ونقصانا كما في تشخص الصلاة بكونها في الدار.
[١] ذكر قدسسره في القسم الثالث أنّه يمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة تكليفيا ولكن تعلّقه بالعبادة بنحو المجاز في الاسناد بأن يكون متعلّق النهي التنزيهي في الحقيقة العنوان الذي ينطبق على العبادة أو يلازم تلك العبادة فيكون تركيب العنوان المنهي عنه مع متعلّق الأمر اتحاديا في الأوّل وانضماميا في الثاني ويمكن أن يحمل النهي المتعلّق بالعبادة في خطابه على الإرشاد إلى اختيار غيره من افراد الواجب مثلا إذا ورد النهي عن الصلاة في مواضع التهمة يكون النهي إرشادا إلى اختيار الصلاة في غير مواضعها ليستوفى ملاك العبادة بلا ابتلاء بحزازة الكون في مواضع التهمة.