والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك ، وإنّما أوجدهما الله تعالى (قلم اينجا رسيد سر بشكست) ، قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربّما لا يسعه كثير من الافهام ، ومن الله الرّشد والهداية وبه الاعتصام.
وهم ودفع : لعلّك تقول : إذا كانت الإرادة التشريعية منه تعالى عين علمه بصلاح الفعل ، لزم ـ بناء على أن تكون عين الطلب ـ كون المنشأ بالصيغة في
______________________________________________________
والطلب الحقيقي المعبّر عنه بالإرادة التشريعية ، فلا محيص عن اختيار الطاعة والإيمان ، وربّما تخالفتا فلا محيص عن اختيار الكفر والعصيان.
الثاني : أنّ لزوم الطاعة والإيمان عند توافق الإرادتين واختيار الكفر والإيمان عند تخالفهما لا يوجب خروج الفعل عن اختيار العبد وصدوره عنه بإرادته ، وأنّ المؤثّر في حصول الفعل هي إرادة العبد التي فسّرها في كلماته ـ تبعا للقوم ـ بالشوق المؤكّد المحرّك للعضلات.
الثالث : أنّ إرادة العبد المتعلّقة بالطاعة والإيمان أو بالكفر والعصيان ، وإن افتقرت في تحقّقها إلى المؤثّر لعدم كونها ضرورية وواجبة حتّى تستغني عن العلّة وإنّ مبادئها عند اجتماعها هي المؤثّرة في تحقّق الارادة ، إلّا أنّ حصول تلك المبادئ غير مستند إلى إرادة الله (سبحانه) ، بل تستند إلى ما هو لازم الذات من السعادة والشقاوة ، وشيء منهما لا يعلّل ، حيث إنّ اللازم للذات لا يحتاج إلى علّة ، بل يوجد بتبع وجود الشيء لا محالة.
وأساس هذه الأمور الثلاثة ، هو الالتزام بأمرين :
أحدهما : إنّ إرادة الله (سبحانه) من صفات الذات ، وعليه تكون إرادته تعالى عين علمه ، سواء كانت الإرادة تكوينية أو تشريعية ، وبذلك صرّح في كلامه قدسسره في