أمره حقيقة بعد استعلائه ، وإنّما يكون إطلاق الأمر على طلبه بحسب ما هو قضية استعلائه ، وكيف كان ، ففي صحة سلب الأمر عن طلب السافل ، ولو كان مستعليا كفاية.
الجهة الثالثة : لا يبعد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب [١] ، لانسباقه عنه
______________________________________________________
دلالة مادة الأمر على الطلب الوجوبي :
[١] لا يخفى أنّ لزوم الحذر يختص بمخالفة الأمر الوجوبي ، والطلب الندبي خارج عن المراد من الأمر في الآية الكريمة يقينا ، ولكن يدور الأمر بين أن يكون خروجه عنه بالتخصّص كما إذا كان الأمر حقيقة في الطلب الوجوبي فقط ، أو يكون خروجه عنه بالتقييد ، كما إذا كان حقيقة في الأعمّ ، ولا معيّن للخروج بالنحو الأوّل ، فإنّ أصالة عدم التقييد غير جارية في موارد العلم بالمراد ، من ثمّ جعل قدسسره الآية مؤيّدة لا دليلا.
وممّا ذكر يظهر وجه المناقشة في الاستدلال بقوله صلىاللهعليهوآله : «لو لا أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة» (١) فإنّه لو لم يكن الأمر حقيقة في خصوص الطلب الوجوبي ، لزم التقييد في الرواية بأن يراد لأمرتهم وجوبا بالسواك ، وقد تقدّم أنّه لا اعتبار بأصالة الإطلاق في مثل ذلك مما علم المراد.
وأما رواية بريرة (٢) فلم يظهر أنّها سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الطلب الوجوبي ليستظهر أنّ لفظ الأمر حقيقة في الوجوب ، بل لعلّ السؤال عن أصل الطلب المولوي ، فلا وجه لعدّ الرواية مؤيّدة أيضا.
__________________
(١) الوسائل : ١ / ٣٥٥ ، باب ٥ من أبواب السواك ، الحديث ٣.
(٢) الفروع من الكافي : ٥ / ٤٨٥ ، باب الامة تكون تحت المملوك ، الحديث ١.