ثمّ إنّه لا ريب في ثبوت الوضع الخاص والموضوع له الخاص كوضع الأعلام ، وكذا الوضع العام والموضوع له العام ، كوضع أسماء الأجناس وأمّا الوضع العام والموضوع له الخاص ، فقد توهّم أنّه وضع الحروف ، وما ألحق بها من الأسماء ، كما توهّم أيضا أنّ المستعمل فيه فيها خاصّ مع كون الموضوع له كالوضع عامّا.
والتّحقيق ـ حسبما يؤدّي إليه النّظر الدقيق [١] ـ أن حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما في الأسماء ، وذلك لأنّ الخصوصية المتوهمة ، إن كانت هي الموجبة لكون المعنى المتخصّص بها جزئيا خارجيا ، فمن الواضح أنّ
______________________________________________________
المعنى الحرفي :
[١] وبتعبير آخر إنّ مثل لفظ «من» ولفظ «الابتداء» موضوعان لمعنى واحد غاية الأمر ، ذلك المعنى يلاحظ تارة بما هو هو فيستعمل فيه لفظ «الابتداء» ، وأخرى يلاحظ آليّا فيستعمل فيه لفظ «من» وليس المراد أنّ اللّحاظ الآلي أو الاستقلالي داخل في المستعمل فيه ، بل هما نحوان من اللّحاظ يتعلّقان بنفس المعنى في مقام الاستعمال ، ونفس ذلك المعنى ـ الذي يتعلّق به اللّحاظ الآلي تارة والاستقلالي أخرى ـ هو الموضوع له والمستعمل فيه ، فيهما.
ويدلّ على عدم كون معاني الحروف جزئيات بل كمعاني الأسماء كليّات ؛ أنّ القائل بالجزئية إن أراد الخصوصية الخارجيّة الموجبة لكون المعنى جزئيا خارجيا ، فمن الظاهر أنّ تلك الخصوصية غير داخلة في معاني الحروف ، فإنّه كثيرا ما يكون معنى لفظ «من» كلّيا يصدق على كثيرين ، كما إذا وقع تلو الأمر أو النهي ، كقوله «سر من البصرة» ولذا التجأ بعض الفحول إلى جعله جزئيّا إضافيا ، وهو كما ترى ؛ لأنّ ما