ولا يخفى أن عدّ بعضها من معانيه من اشتباه المصداق بالمفهوم ، ضرورة أنّ الأمر في (جاء زيد لأمر) ما استعمل في معنى الغرض ، بل اللام قد دلّ على الغرض ، نعم يكون مدخوله مصداقه ، فافهم ، وهكذا الحال في قوله تعالى
______________________________________________________
(فَلَمَّا جاءَ) ومنها : الفعل العجيب ، كما في قوله سبحانه (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا)(١).
ومنها : الشيء ، كقولك : (رأيت أمرا عجيبا).
ومنها : الحادثة ، كقوله : (فلما وقع الأمر).
ومنها : الغرض ، كقوله (جئتك لأمر).
وذكر الماتن قدسسره أنّ الظاهر عدم استعمال لفظ «أمر» في جميع هذه المعاني ، بل عدّ بعضها من معانيه من قبيل اشتباه المصداق بالمفهوم ؛ وذلك لأنّ لفظ «أمر» في قولك (جاء زيد لأمر كذا) استعمل في معنى الشيء ، واللّام الداخلة عليه تدلّ على أنّ الشيء المزبور مصداق للغرض ، لا أنّ مدخول اللام استعمل في معنى الغرض ومفهومه ، وكذا استعمل في قوله سبحانه (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) في معنى الشيء ، لا في معني التعجّب. غاية الأمر أنّ الشيء المزبور مصداق للعجيب ، وكذا الحال في الحادثة والشأن.
فما عن صاحب الفصول قدسسره من أنّ لفظ «أمر» حقيقة في المعنيين الأوّلين يعني الطلب والشأن (٢) غير سديد ، حيث إنّ عدّ الشأن من معانيه من اشتباه المصداق بالمفهوم أيضا ، فلا يبعد أن يكون مشتركا لفظا بين الطلب في الجملة ـ على تفصيل يأتي ـ وبين معنى الشيء.
__________________
(١) سورة هود : الآية ٥٨.
(٢) الفصول الغروية : ص ٥١.