غيره ، لا هو هو ، وملاك الحمل والجري إنما هو نحو من الاتحاد والهوهوية ، وإلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما ، من أنّ المشتق يكون لا بشرط والمبدأ يكون بشرط لا ، أي يكون مفهوم المشتق غير آب عن الحمل ، ومفهوم المبدأ يكون آبيا عنه ، وصاحب الفصول رحمهالله ـ حيث توهم أن مرادهم إنّما هو بيان
______________________________________________________
بنحو من الاتّحاد ، لا يأبى عن الحمل عليها ، بخلاف المبدأ ، فإنّ له معنى غير معنى المشتق ، ويكون في نفسه آبيا عن حمله على الذات ؛ لعدم اتّحاده معها بوجه ، بل إذا قيس معناه إلى الذات يرى أنه غيرها مفهوما وخارجا ، وملاك الحمل هو الاتّحاد في موطن ما ، من ذهن أو خارج.
وهذا هو مراد أهل المعقول ممّا ذكروه في مقام التفرقة بين المشتق ومبدئه ، من أنّ المشتق مفهومه لا بشرط ، بخلاف المبدأ فإنّه بشرط لا ، ومرادهم لا بشرط وبشرط لا بالإضافة إلى الحمل ، لا أنّ كليهما موضوع لمعنى واحد ، غاية الأمر لوحظ ذلك المعنى في أحدهما لا بشرط وفي الآخر بشرط لا ليكون تغاير المعنيين بالعرض لا بالذات.
ولكن زعم صاحب الفصول قدسسره أنّ أهل المعقول يرون اتّحاد المشتق ومبدئه بالذات ويفرّقون بينهما بلا بشرط وبشرط لا بالعرض ، فالتفرقة بينهما عرضي وأنّهم يقولون بأنّ مفهوم المشتق بعينه مفهوم المبدأ لا أنّه مفهوم آخر ، فأورد عليهم بأنّ مفهوم العلم مثلا غير قابل للحمل على الذوات حتّى وإن لوحظ لا بشرط بالإضافة إلى ما هو خارج عنه (١).
ولم يتفطّن إلى أنّ مرادهم هو عين ما ذكره من أنّ معنى المشتق في نفسه ، غير
__________________
(١) الفصول الغروية : ص ٥٠.